رواية " ايفان الفلسطيني " ، تأليف مروان عبد العال ، والتي صدرت عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجواء الرواية :
لم أعد قادراً أن أكون نفسي ولا أعرف لأي فصيلة من النمل أنتمي ـ الأحمر أم الأسود؟
فوق كثبان الرمل الأصفر، تغوص أقدامي الحافية، وتنخرط بين أصناف النمل، المنتشرة كفرق عسكرية. مشهد من خيال طفولي لنمل غريب لا يشبه تلك التي تعشِّش في زوايا بيوتنا وفي شقوق الدور وتحت حوافي الشبابيك، تبحث عن حبيبات سكر سقطت سهواً من مؤونة شتوية مخبأة على رفوف المطبخ. إنه ذو حجم أكبر وعندما يشيخ يتحوّل إلى نمل مجنح، ولأن أقدامه أطول نسبياً من النمل العادي كان يسير بسرعة قياسية، والمتعة التي تناسب شقاوتي أن النمل يتألف من لونين، الأسود والأحمر، ولطالما كنّا نعطي لكل لون هوية بلد أو طائفة أو حزب أو ميليشيا. حسب المرحلة تكون اللعبة، ووفق الفرز السياسي تفرز الألوان. بلمح البصر وسرعة البرق، أعادني المشهد إلى زمن من رمل، تسرب من خيالي على مهل، أنا وأترابي نتحالف مع الأسود ونسميه النمل العربي، وهو بنظرنا يعبّر عن محور الخير دائماً، حتى الاعتقاد أنه نمل مسالم وأليف ولا يعقص أبداً، ولكنه يفوز في النهاية على النمل الشقي والشرير ذي اللون الأشقر أو الأحمر، وليس عبثاً أننا نسميه اليهودي، لأنه لا مهنة له سوى أن يغدر بنا ويعقص أقدامنا العارية أيضاً.
مشاركات المستخدمين