ومما جاء في مقدمة الكتاب :
لست ممن يدعون قدرتهم على تقديم التحليلات السياسية والاقتصادية.. فهذه ليست غايتى ولم أعد لها نفسى .
و لكننى وقد عشت معظم أيام عمرى الواعى فى الفترة ما بين 1960 و 1980 فإنني شأنى فى ذلك شأن عشرات الملايين من الذين عاصروها فى مدن وقرى مصر نستطيع أن نقدم شهادتنا – دون تخصص – فقد شاركنا فى الأحداث و تأثرنا بها ... بل لقد شكلت مجرى حياتنا ... وحاضرنا ... والى حد ما مستقبلنا .
والسطور القادمة هى محاولة لرصد .. وتجميع .. وربط مجموعة من الظواهر الصحيحة بعضها ببعض كان لها الأثر الهام على سير الأحداث.. فإذا كنت من معاصريها فأرجوك قبل أن تعلن موافقتك أو اعتراضك أو رفضك... أن تراجع معى شريط الأحداث التى دائما ما ننساها أو نفقدها فى زحمة " الكبد " الذى خلقنا له
وإذا كنت لم تعاصرها .. فلك أنت أكتب هذه المقدمة... لا كاعتذار عن عدم قدرة العمل الذى بين يديك على التوصيل .. ولكن كى أضع خطوطا عريضة تحت مجموعة من العلاقات والأحداث حاولت قوى كثيرة - عن عمد أو حسن نية – تشويهها أو بلبلتها أو تضخيمها بحيث أصبحت تلك الفترة رغم قربها أكثر فترات تاريخ بلدنا غموضا بالنسبة لمن لم يعاصرها ... ولتثق أن ما ستقرأه على جانب كبير من الصدق إذا سامحتنى على أخطائى الفنية كمحلل سياسى أو اقتصادي أو لاستخدامي لنفس المصطلحات والألفاظ التى كنا نستخدمها حينئذ .
فى يوليو 1961 قضت ( الثورة ) نهائيا على آخر معاقل ( الرأسمالية ) فى مصر . بتأميم البنوك وشركات التأمين والتجارة الخارجية والمقاولات وحصرت هذه الأنشطة فى إدارة القطاع العام .
ثم قامت بإنشاء خط دفاعى صلب لمنع عودتها بإصدار القوانين المنظمة لدور القطاع الخاص " الرأسمالية الوطنية " فى العملية الاقتصادية ... وبقوانين الضرائب والجمارك أصبح هناك سدا منيعا أمام أى تراكم رأسمالى للأفراد ... وبأجهزة الرقابة المختلفة أصبح من الواضح أن الرأسمالية ( المستغلة ) لن يقوم لها قائمة بعد ذلك التاريخ .... ولكن وبعد عشرين عاما فقط من إصدار هذه القوانين أصبح فى مصر 250000 مليونير – أرجو مراجعة الرقم ثانية – ربع مليون مليونير بعضهم يمتلك أكثر من ألف مليون جنيه وعلى الجانب الآخر 34% من الشعب المصرى يعيش تحت خط الفقر ... ألا يدعوك هذا للتساؤل!! كيف تم هذا ... رغم أن معظم هذه القوانين لا زال سائدا لم يتغير .
مشاركات المستخدمين