أنت هنا
اقتصاديات الوقف
الموضوع:
تاريخ النشر:
isbn:
نظرة عامة
كتاب " اقتصاديات الوقف " ، تأليف د. محمد الفاتح محمود بشير المغربي ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
الحمد لله حمد الشاكرين المعترفين بفضله والصلاة والسلام علي الهادي الامين أول من وجه بالوقف، وجعله سنة حسنة يستفيد منها الفقراء والمساكين وغيرهم وبعد...
فإن الأوقاف لها دور كبير في البناء الحضاري و الإقتصادي والتنموي للدول وتلبية حاجات المجتمع المتنوعة، ودعم البرامج النافعة لعموم الناس، والتاريخ الإسلامي حافل بلأوقاف التي حققت مصالح المسلمين من عصر النبوة إلي عصرنا الحاضر، ويشهد لذلك الأدلة والنصوص في السنة النبوية والتاريخ الإسلامي، والسجلات والوثائق الخاصة بالأوقاف التي شيدت لدعم الخير والبر والتنمية كبناء المساجد والجامعات والمدارس، والمكتبات ورعاية الأيتام والفقراء، وحفر الآبار، خدمات البيئة، والخدمات الصحية وغيرها..
وقد قامت الأوقاف بتمويل العديد من الحاجات والخدمات الأساسية والعامة للمجتمع، مما يخفف العبء على ميزانيات الدول.
وكثير من أحكام الوقوف ثابتة بالإجتهاد لأن النصوص الواردة فيها في جملتها عامة الدلالة، مما دعا العلماء والفقهاء إلي بذل الجهد في تفصيل أحكامه وبيانها، ويعد هذا العموم ميزة توسع مجالات الوقف وتواكب متغيرات الزمان.
ويتسم الوقف بسمات وخصائص أهمها أن الوقف من الصدقة الجارية على أعمال البر، والتي يراد منها الأجر والمثوبة، وإستدامة منفعتها في الدنيا والآخرة، وهو من عقود التبرعات التي يقصد منها التقرب والطاعة، والتأبيد والإستدامة من خصائص الوقف بحيث لا يمكن التراجع عنه أو فسخه.
إلي ما يحققه الوقف من مشاركة فعالة في التنمية ومساندة جهود الحكومية في توفير ما يحتاجه المجتمع من موارد تلبي إحتياجاته ومصالحه، ومما يتميز به الوقف من شمولية في أنواعه ومجالاته ومصارفه المتنوعة التي تحقق شتى حاجات الأمة.
وهناك إمكانية لمشاركة الأمة الإسلامية في إقامة الوقف، ونظام الوقف مفتوح أمام جميع المسلمين وقد جاءت قواعد الوقف واصوله بإستعاب ذلك.
والوقف نظام جمع بين التبرع في أصله والإستثمار والإدارة اللازمة لتنمية و أستمراره.
وللواقف أن يضع شروطه في مصارف الوقف ومجالاته، وهذه الشروط يجب الوفاء بها والإلتزام بها ما لم تخالف الأحكام الشرعية، كما أن للواقف أن يقيم ناظراً يشرف على والوقف، ويلتزم بشروطه.
والوقف يمثل إحدى الصيغ المبكرة في الفقه الإسلامي التي كان لها الدور في إجاد عدد من التطبيقات المعاصرة، حيث يعتبر الوقف أساساً لفكرة الشخصية الإعتبارية.
وقد أدت كثير من العوامل وليس آخرها الإستعمار الذي إجتاح أغلب البلاد الإسلامية التي تراجع الإهتمام بالوقف ومؤسسته حتى بعد الإستقلال، ومن مظاهر ذلك تعطيل قوانين المنظمة لممتلكات الوقف مما أدى إلي مصادرتها بوضع اليد عليها، أو التصرف فيها، وطال العهد حتى كادت أن تضيع معالم الأوقاف من الذاكرة الجماعية للأمة، فتراجعت مؤسسة الوقف عن أداء دورها الرسالي، واضحت بعد ذلك مجرد أصول وأعيان، أغلبها دور وبساتين معطلة المنافع ومستغلة بأبخس الأثمان وتفتقر إلي ابسط الموارد المالية.
وفي ظل الصحوة التي إنتظمت العالم الإسلامي كانت الأوقاف من أول المؤسسات الإسلامية التي حظيت بالإهتمام لما لها من دور إيجابي في دعم جهود التقدم والرفاه الإجتماعي.
وقد تمثل هذا الإهتمام في توجه الكثير من الدول الإسلامية في أحياء هذه المرفق والعمل على دعمه وتطويره، وإنشغال العديد من الباحثين والمفكرين ومؤسسات البحث العلمي بإعداد الابحاث والدراسات التي تبرز ما كان لهذا المرفق من أثر بالغ على المجتمع الماضي وما ينتظر أن يكون له من إسهام في مسيرة للمجتمع الإسلامي المعاصر، حيث يمثل الوقف عنصراً أساسياً من مصادر التمويل الإسلامي لإقامة المشروعات وتوفير العطاءات، ودوره على الإختفاظ على الشخصية الإسلامية في المجتمعات المختلطة (إسلامية و مسيحية) وفي دول الإغتراب (الأقليات المسلمة).
وتسعى هذه الدراسة إلي بيان دور الوقف في دعم المشاريع الإقتصادية والإجتماعية داخل المجتمعات الإسلامية، وخصوصاً إن تاريخ الوقف شاهد على مدى الإسهام الحضاري التي عاشته الأمة الإسلامية في ظل إبداعات الوقف في كافة المجالات الحياتية المختلفة، حتى وصلت إسهامات الوقف لرعاية الحيوانات.
والأوقاف ترتبط دائماً في تنمية المجتمع وتقوية روابطه، فهي بالمحصلة أموال مجتمعية أهلية تصرف إلأي جهات محتاجة، ليحدث التوازن الإجتماعي بين جميع فئات والشرائع، وليكتمل عود الفئة الإجتماعية القاصرة أو الضعيفة على سوقها، لتتمكن من مزاولة دورها في المجتمع، ولعل السر في نجاح الوقف هو إستمراره ودوامه، وهذا هو المقصود من تعريف فقها الشريعة له من أنه(تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة).
مشاركات المستخدمين