كتاب " الأستاذ تحتمس " ، تأليف نعيم صبري ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
بدأ يتأهب ظلام الليل الدامس للانفراج قليلاً قبيل مطلع فجر أحد أيام شهر ديسمبر المستبدة. ارتطمت قدم سليم بائع اللبن بجسم على رصيف شارع جزيرة بدران وهو ينتفض من لسعة البرد وينوء بحمل قسطى اللبن. وضع قسطى اللبن بجواره ومال بقامته الطويلة، ليستبين ذلك الجسم الذى كاد يتعثر فيه نظرًا لضعف نظره الشديد، لم يفاجأ لمرأى الأستاذ تحتمس وهو يجلس على حافة الرصيف، متكئًا برأسه على كفه التى تستند على العود الملفوف بعناية فى كيس من القطيفة السوداء كان الأستاذ تحتمس قد تعثر فى الرصيف وهو عائد من سهرته، فجلس قليلاً يتحسس قدمه التى تؤلمه، ثم راح فى نعاسٍ متقطع من أثر الشراب، كانت رائحة الخمر تفوح منه فيعبق بها المكان. ابتسم سليم لمرأى ذلك المشهد المعتاد وتأهب لمعاناة إيقاظهِ ومحاولة إقناعه بالصعود معه إلى شقة الست مارجريت أخته. أشفق على نفسه من حمل الأستاذ تحتمس، الذى عادة ما تخونه قدماه عند الصعود معتمدًا على نفسه. يعتمد الأستاذ تحتمس على سليم، الذى يلهث من ثقله، لم يكن بدينًا بأى حال من الأحوال، لكنه كان يعتمد بجسمه على سليم وهو شبه نائم، فيجد صعوبة مضاعفة فى تحريكه من مكانه وارتقاء الدرج إلى الطابق الرابع وهو يمسك بالعود فى يده بحذر، كأوامر الأستاذ تحتمس.
مشاركات المستخدمين