البستان

كتاب "البستان"، كتاب خواطر للكاتب أنس سمير أبو الهدى، نقرأ من أجوائه:
عندما تخرج الزفرات حارة من قلوبنا لتكوي بها جباهنا،عندما نتجرع المرار والآلام الجسام،عندها فقط نستطيع أن نسطر بعض الكلمات، وعن جروحنا التي ما زالت في مخدع الإنعاش،لنعبر بها عن بعض الآهات، بعد أن تلاشت جميع الأحلام والآمال، وطغى جور الزمان كل زاوية وكل منفذ لشروق فجر الأماني وفجر النور، الذي تصاحبه الحرية والحياة النابضة بالأمل في كل دقيقة وثانية، لمحو الظلام الدامس، الذي يحمل في أجوائه غيمة تظلل طريق البائسين بكل سخرية ومكر وخداع جاف، يؤلم النفوس والقلوب المغلولة بقيود العذاب المرير، هذا الذي يخفي في طياته الحقيقة المدفونة بالتضليل، ودعم النفاق ورؤسائه الممجدين بستاره الخفي، بالنسبة لكل بائسٍ يائس ومحترفٍ ناجح
فنردد الآهات يا زمان آه وراء آه، وعجباً أيها الناس، عجباً يا نسل آدم وحواء، استفهام ثم استفهام، الكل إما سجَانون وإما مسجونون وإما مرؤوسون وإما محكومون وإما مكبلون وإما مكللون انقلبت الآيات واقتربت الساعات وانقطعت الأوصال، واندثر الحق والخيرات، وأحرقت النيران الأخضر حتى اللؤلؤ والمرجان، ألسنة اللهيب متعالية ممتدة إلى عالم الجنون والنسيان، عالم مليء حقداً وكراهية وبغضاً وحرمان، نار متعطشة لم تطفئها الأمطار، ولم تذللها الرياح وهي مسالمة، ولا الصراخ تعاطفاً وإحسان، مناورة مؤامرة خيوط وحطام، لا أحلام لا إبداع لا بسمة ولا فرح واعتزاز لا نظام على الرغم من وجود أرصفة وخرائط واشارات، لوحات فنية عبقرية تحارب بالنكران والجحود، وتلقى في سلة القمامة بكل وقاحة وبرود، هتافات رايات شتائم ولعنات، رسوم تعبيرات، عجب واستغراب، تصفيق حار، وصفير يدوي الأجواء، ومزيد من قصص البؤس والأحزان.