0
لا توجد اصوات
كتاب "الحياة الروحية في الإسلام - مفهومها و أسسها في الكتاب والسنة"، تأليف الأمام يوسف القرضاوي، يقول في مقدمة كتابه:
ما معنى الحياة الروحية ؟ وهنا نسأل عن معنى هذه الكلمة (الحياة الروحية) ربما أنكر بعض الإخوة هذا العنوان . قال بعضهم : هذه ترجمة لمعنى أجنبي . وقال بعضهم : إن هذا مصطلح لم يعرفه الإسلام من قبل ، ولم نره في تراثنا العريق. ولكني لن أقف طويلا عند هذا ، ما دمنا قادرين على أن نحدِّد المراد من معنى الحياة الروحية ، فلا مُشاحَّة في الاصـطـلاح ، ولا يضرُّنا الأسماء متى وضحت المُسمَّيات . الحياة الروحية قطعا لا يُراد بها ما يُطلَق عند القوم ، مثل الروحية الحديثة ، التي عُرفت في الغرب ، ونقلها بعضهم إلى الشرق الإسلامي ، وهي تلك التي تعتمد على ما يزعمون من تحضير الأرواح ومخاطبتها ، وهي كما قال الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله ، في رسالة له : دعوة هدَّامة ولا شك ، ولها صلة بالصهيونية العالمية. فهذا لا علاقة لنا به . إنما نريد بالحياة الروحية : ما يقابل الحياة المادية ، التي زحفت على العالم اليوم ، والتي شغلت الناس في دنيا الغرب ، وسرت عدواها إلى الشرق . وهي التي سحرت العقول والقلوب ، وسخَّرت الأبدان والجوارح لخدمتها .
الحياة المادية التي لا تهتمُّ إلا بالمادة ، وتُنكر ما وراء الطبيعة ، تُنكر أن لهذا الكون ربًّا خلقه ، وأعطى كلَّ شيء خلقه ثم هدى ، ولا زال يدبِّر أمره ، وتُنكر أن في الإنسان رُوحا تميُّزه عن سائر الحيوانات ، فهو مجرَّد حيوان متطوِّر ، وتنكر أن وراء هذه الحياة القصيرة الفانية حياة أخرى ، تُوفَّى فيها كلُّ نفس ما كسبت ، وتحصد ما زرعت ، وتُخلَّد فيما عملت ، هذه أُسُس الحياة المادية كما هي عند غيرنا .
مشاركات المستخدمين