أنت هنا
الضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات في الإسلام
الموضوع:
تاريخ النشر:
isbn:
نظرة عامة
كتاب " الضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات في الإسلام " ، تأليف الدكتور راشد سعيد شهوان ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
المقدمة
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث هدى ورحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملاً متقبلا يا رب العالمين، اللهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى، اللهم أعز دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين، اللهم ارزقنا الصواب والسداد في القول والعمل والأمور كلها، ثم أما بعد:
فيشكل موضوع الضوابط الشرعية للثوابت والمتغيرات في الإسلام، محوراً أساسياً من محاور الحديث عن قضايا الأصالة والتجديد، ومسائل الإصلاح والتطوير في الفكر الإسلامي المعاصر، والمشاريع المعاصرة للنهوض بالأمة الإسلامية، والحديث عن القيم والهُوية الإسلامية في زمن العولمة وعالم المتغيرات، وما يتعلق بتجديد قراءة النص عند دعاة الحداثة وأصحاب المناهج العلمانية.
وتأتي هذه الدراسة لهذا الموضوع في وقت يبرز فيه الحديث عن أزمة التخلف الحضاري التي يشهدها واقعنا المعاصر، وقضايا التأثير والتأثر والأخذ والعطاء وحوار الحضارات، وقد تعددت المواقف والاجتهادات والمشاريع في علاج هذه الأزمة ومعرفة أسبابها.
ومن هذه المواقف من تساءل كيف تكون الشريعة الإسلامية باعتبارها خاتمة الرسائل، شريعة الخلود والاستمرار؟ وكيف يمكنها أن تواكب المستجدات والمتغيرات؟ ومن هذه المواقف من استسلم لحتمية الواقع وضغط الحياة، وسار في تيار الجبرية والانهزامية والتبعية المطلقة، والتقليد للغرب، وركب موجة التمرد والتحرر والتفلت من أحكام الشرع، وتنكر لقيم الإسلام، وهاجم الثوابت والمسلَّمات، ورأى أنّ كل شيء قابل للنقد والتغير.
ومن هذه المواقف أيضاً من اغتر بالأوهام التي يرددها الليبراليون وبعض المستشرقين المتعصبين، من أن الإسلام دين غير قابل للتطور، وأن شرعيته جامدة تعيق التقدم والحضارة، يقول صيموئيل هنتجتون: "إن الدين الإسلامي غير قابل للتطور، وهو بذلك دين جامد لا يحقق التقدم، بل يجب أن يهجر ويلغى، لأنه يعيق التطور الحضاري، وعلى المجتمع الإسلامي أن يتحول إلى النمط الغربي من العصرية، حتى يحقق النجاح والتقدم"(1).
وقد تبنّى هذا الفكر كثير من مفكري وسياسي العالم من أصحاب الاتجاه الليبرالي الرأسمالي، وبخاصة بعد سقوط المنظومة الاشتراكية في ثمانينيات القرن الماضي، واستطاعوا أن يفرضوا رؤيتهم على كثير من دول العالم. ووصل الحد بالمفكر الأمريكي الياباني الأصل فوكياما، أنه اعتبر أن الحل الأمثل لتقدم البشرية وحل مشكلاتها والخروج من أزماتها الإنسانية، لا يكون إلا بإتباع الأجندة الليبرالية، وأنه لا خيار أمام دول العالم لتحقيق نهوضها وتقدمها الحضاري إلا بالأخذ بها، حيث يزعم أنه لا يمكن أن ينافسها ايديولوجيات أخرى، لأنها قمة نتاج الفكر البشري(2).
وسيحاول هذا الكتاب معالجة هذه المسائل المثارة حول هذا الموضوع ويوضح الإشكالية عند من أساؤوا فهم الشريعة الإسلامية، وتعسفوا في نقد نصوصها والتمرد على أحكامها.
كما يحاول تصويب الرؤيا عند من أخطئوا في تقدير ما تقوم عليه الشريعة الإسلامية من نظم وأحكام، ومعرفة ما تتميز به من خصائص وما تقوم عليه من عوامل في المرونة والسعة، وقدرةٍ على مواكبة المستجدات والمتغيرات والتطورات الحضارية.
كما سيتناول هذا الكتاب دراسة مسألة القيم وضبط المعايير والمقاييس حول الثوابت والمتغيرات، لعله – بعون الله – أن يقدم شيءً مفيداً في ذلك، يستجلى هذا الموضوع، ويضعه في الإطار الشرعي الصحيح، الذي ينبغي أن يتفق عليه، وتجتمع حوله المفهومات والأفكار والتصورات، ليحل الائتلاف محل الاختلاف والعلم محل الجهل، والحقيقة محل الوهم، والاتفاق محل الشقاق، والتقابل محل التدابر، لأن الاجتماع رحمة والفرقة عذاب.
مشاركات المستخدمين