الطفلة سوريا

كتاب "  الطفلة سوريا  " ، تأليف :عز الدين الدوماني، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام ، ومما جاء في مقدمة الكتاب .

لم يكن الطفل مازن يمارس حياته الطفولية اليومية كبقية أقرانه في بلدته غير البعيدة عن أقدم عاصمة في التاريخ دمشق الفيحاء ، الغافية على صدر قاسيون الهرم والمتربع على بقعة واسعة من أرض الشام المباركة ، الزاحف بكل ما أوتي من قوة نحو الغوطتين الشرقية والغربية المنكفئ عن الامتداد شمالاً ، حيث أدار ظهره إلى تلك الناحية ليبدو للرائي من بعيد أنه حارس للغوطتين الحاضنتين لدمشق الخالدة ، لقد أسره جمالهما الرائع ، فاسترخى مكتفيًا بما هو عليه ، لكن استرخاءه طال كثيرًا ، وامتد عبر القرون الماضية. هذا السكون شجَّع الإنسان فمدَّ يده الطويلة إليه ، فبدأت تنهش من جسده الغافي لتأخذ من أحشائه صخورًا لعبت دورًا كبيرًا في صموده تجاه الأنواء المختلفة على مرِّ العصور ، تلك الصخور حوَّلتها اليد الآثمة مادة بناء لتشيِّد بها منازلها غير آبهة بالعشرة الطويلة بين إنسان دمشق وجبله العاشق ، فعصارته القوية المتينة الصامدة أغرت هؤلاء الناس بها فاستعانوا بآلاتهم في تهشيمها وتحويلها مادة رملية تسهم في نهوض هياكل بيوتهم الفارهة حتى لا تبقى أحشاؤه أكوام حجارة تعكر صفو العين التي ترنو إلى قاسيون.