أنت هنا
نظرة عامة
بَعِيدًا عَنْ قَطِيعِ الْغُزْلانِ، كانَ غَزالٌ يافِعٌ يَجْرِي وَحْدَهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بنِداءاتِ والِدَيْهِ وَبِتَوَسُّلاتِ أَتْرابِهِ .
كانَ ذلِكَ الْغَزالُ يَعِيشُ حَياةً رَغِيدَةً فِي كَنَفِ والِدَيْهِ فِي كِناسٍ مَعْمُـور، تَحُفُّـهُ الأَطْيـارُ وَالزُّهُـور، وَتَفُـوحُ مِنْـهُ رائِحَةُ الْمِسْـكِ وَالْبَخُـور .
كانَ الْغَزالُ فِي غايَةِ الرَّشاقَةِ وَالْجَمال، وَتَتَنافَسُ ظِباءُ الْحَيِّ فِي كَسْبِ مَوَدَّتِهِ، رَغْمَ أَنَّها عَرَفَتْ بِأَنَّ ذلِكَ مِنَ الْمُحال. وَكانَ دَوْمًا يَتَعالى وَيَبْتَعِدُ عَنِ الأَصْدِقاء، وَيَتَباهى بِحُسْنِهِ وَيَمْشِي بِخُيَلاء .
وَقَدْ دارَ جِدالٌ حادٌّ بَيْنَ الْغَزالِ وَوالِدَيْهِ، وَهُمْ يَحْزِمُونَ أَمْتِعَتَهُمُ اسْتِعْدادًا لِلْهِجْرَةِ، عَبَّرَ الْغَزالُ مِنْ خِلالِهِ عَنْ رَفْضِهِ الاسْتِمْرارَ فِي الْعَيْشِ مَعَ والِدَيْهِ وَمَعَ سائِرِ الْحَيَواناتِ فِي الْغابَةِ، وَبِأَنَّهُ قَرَّرَ الانْطِلاقَ لِوَحْدِهِ لِيَبْحَثَ عَنْ مُسْتَقْبَلِهِ. بَدَأَ الْغَزالُ يَرْكُضُ مُتَبَخْتِرًا بَيْنَ التِّلالِ وَالْوِدْيانِ بِخِفَّةٍ وَرَشاقَةٍ، غَيْرَ آبِهٍ بِبَرْدِ الشِّتاءِ أَوْ غَزارَةِ الْمَطَرِ، حَتَّى ابْتَعَدَ كُلِّيًا عَنِ الْقَطِيعِ، وَاخْتَفى عَنْ ناظِرَيِّ كُلِّ مَنْ رَجا عَوْدَتَهُ .
مشاركات المستخدمين