كتاب أو رواية (حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة)؛ يقول عنه الكاتب د. عبد القادر الجموسي في مقدمته؛ "ابتدأت فكرة الكتابة عن سبينوزا منذ سنوات إقامتي بمدينة لاهاي (1995-2001)، حيث اكتشفت هذا الفيلسوف الهولندي الكبير، الذي حول مسار الفكر الفلسفي الإنساني برمته، مما جعل فيلسوفاً مثل هيغل يقول عنه إما أن يكون المرء سبينوزيا أو لا يكون فيلسوفاً على الإطلاق. وما ساعدني على الاقتراب من عالم الفلسفة السبينوزية هو انخراطي بخزانة مدينة ليدن العريقة، التي مكنتني من الاطلاع على ذخائر من المخطوطات والمراجع من مختلف اللغات. وكنت في كل مرحلة من مراحل اكتشافي لعالم سبينوزا أزداد دهشة وفضولاً لبذل المزيد من الجهد لفهم مقاصده، التي لم تكن تخلو من تعقيد ودقة اعترف بها حتى المتخصصون في فلسفته. وتدريجياً وجدتني أقرأ أعماله الكاملة ورسائله وسير حياته المتاحة، متمحصاً ومدققاً ومقارنا. وكم كانت دهشتي أكبر وأنا أكتشف المفارقات الكبرى والمواقف المتضاربة التي أثارتها حياة هذه الفيلسوف وأفكاره، مما جعله أقرب إلى الأسطورة. ولم أجد بداً من التخلي عن فصول كاملة ألفتها عن فلسفته، والتركيز على سيرة حياته في محاولة مني لتقديم، لربما بشكل غير مسبوق في العربية، صورة حية للفيلسوف أتابع فيها أطوار مساره الفكري والفلسفي، في علاقته المتوترة والمتشعبة مع سيرة حياته الشخصية والعائلية، ومدى تفاعله مع تيار عصره، وتجاذبات المحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي لبلده هولندا على وجه الخصوص، وأوروبا بوجه عام. ووفقاً لهذا الاختيار، دأبنا على رسم، بأكبر دقة ممكنة، لأهم المحطات التي أثرت في اختيارات الفيلسوف ومواقفه من حياة الطائفة التي احتضنته فانشق عنها، ومن سياسة بلده ومنظومتها الفكرية، التي ساهم في تطويرها، من خلال التنظير الفلسفي والانخراط في حركات المجتمع المدني الطلائعي، والمشاركة في الجدل العام الذي نشطت فيه العديد من الجمعيات المدنية والدينية، التواقة للتحرر من رواسب الفكر القروسطي والمدرسي العتيق. وقد عمدنا في كتابة هذه السيرة إلى تحري أسلوب جديد في رصد مسار حياة الفيلسوف، أسلوب مقارن وهادىء ينأى عن مجمل الصيغ الإنشائية المتحمسة، التي قد تمجد الشخص أو تسعى إلى التشهير به".
مشاركات المستخدمين