أنت هنا
"أوبيريو" جديد عبد القادر الجنابي عن دار الغاوون
كتاب عبد القادر الجنابي الجديد الصادر عن دار الغاوون، عنوانه "أوبيريو: آخر شرارة طليعية في الأدب الروسي"، جاء الكتاب في 136 صفحة من الحجم المتوسط. وضم 33 نصا وقصيدة ومسرحية لدانيال خارمس، و13 من مطولات فيدنسكي الشعرية مع دراسته عن مفهوم الزمن، ومقدمتين كتبهما عبد القادر الجنابي.
ويضم مختارات من كتابات رئيسي هذه المجموعة دانيال خارمْس والكسندر فيدنسكي، قام بترجمتها عبد القادر الجنابي وأستهلها بمقدمة طويلة يشرح فيها مسار مجموعة "أوبيريو" (اتحاد الفن الحقيقي) الثقافي والظروف (1927-1940)، التي ولدت فيها، وكيف عانت القمع الستاليني بحيث ظل نتاجها محكوما عليه اكثر من أربعين عاما. وتعتبر هذه المجموعة رائدة في ما سمي بعد الحرب العالمية الثانية بـ"أدب العبث". وكان مثقفو الأمية الستالينية يعتبرون نشاط أوبيريو "هرائيا ومضادا للثورة وعدوا طبقيا". وقد سجن دانيال خارمس وفيدنسكي عدة مرات إلى أن ماتا في السجن عام 1942، بسبب ما يكتبونه من أدب يتناول قضية المعنى طامحين لفتح النص على آفاق بعيدة عن أوهام الواقع/ المعنى القَبْلي". ففلسفة خارمس تقوم على أن العالم هو مجموعة تأثيرات بلا قضية، يتصادم واحدها بالآخر. ومن هنا يولد الإحساس بالعبث. إن مأساة الإنسان تكمن في عدم قدرته على فهم العالم إلا على نحو متشظ، والرابط الذي يوحده بما يحيط يبدو منكسرا واعتباطيا... صحيح أن هناك دائما رابطا بين حدثين لكن لا نستطيع تحديده". أما فيدنسكي فهو غالبا ما كان يشكك في مفهوم الزمن حد انه طالب بنزع عقارب الساعة التي لا تعني حركتها أي شيء. فهو يتساءل لماذا الأفعال كـ"فعل"، "أكلَ"، "شربَ"، "نامَ"، "ماتَ"، مربوطة دائما بالزمن، بينما الأسماء كـ"الغابة"، "البيت"، "الموت"، متحررة من فكرة الزمن.
وفي الحقيقة إن كتاباتهما كان من الممكن أن تُدمَّر كلّها، لو لم يذهب رفيقاهما في حركة "أوبيريو" الفيلسوف ياكوف دروسكين برفقة مارينا ماليتش (زوجة خارمْس الثانية)، إلى شقة خارمس الواقعة في شارع مايكوفسكي رقم 11، بيوم واحد بعد موته (شباط 1942)، ويجمع كل أرشيف خارمس من دفاتر ومخطوطات في حقيبة كبيرة وما كان لدى خارمس من مخطوطات فيدنسكي الشعرية واحتفظ بكل هذا سرا أكثر من عشرين عاما، إلى أن بدأ جليد الستالينية بالذوبان بحرارة المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي (1961) الذي أدان الحقبة الستالينية وممارساتها القمعية خصوصا ضد الأدب.