أنت هنا
إنترنت الأشياء آتٍ ليبهرنا
لم يعد غريباً أن ترى أحدهم يتحّدث مع سيارته، أو مع هاتفه، أو مع الثلاجة. نعيش اليوم في عصر، بات كلّ شيء تقريباً متصلا بالإنترنت.
بحوزة بعضنا، أجهزة تتكلم معنا، تجيب عن أسئلتنا، ومنها على سبيل المثال نظام الـ«جي بي أي» في السيارات، و«سيري» خدمة المساعدة الشخصيّة في الآيفون. وتشير التقديرات إلى أنّه في المستقبل القريب، سيتمّ ربط كل شيء قريب منك، حولك، وحتى ما ترتديه، والأشياء التي تستخدمها بشكل يومي، إلى مصدر واحد. ويعدّ ذلك ثورة في عالم التكنولوجيا؛ إلا أنه يبقى أمراً مخيفاً إلى حدّ ما، نظراً لسيطرة تلك الأشياء بشكل مباشر على حياتنا.
في مؤتمر عقد في لاس فيغاس مؤخراً، أعلن رئيس شركة «سيسكو»، جون تشامبرز، ولادة «انترنت كلّ الأشياء»، وتحدّث عن كيفيّة تغيير ذلك لحياتنا اليومية بكل تفاصيلها. توقّع أن يكون لهذا المعطى الجديد، تأثير اقتصادي يوازي 19 تريليون دولار، إلى جانب ارتفاع عدد الأجهزة الذكيّة في العالم إلى نحو 50 بليون جهاز مع حلول العام 2020.
وجاء إعلان شركة «غوغل» الأسبوع الماضي، عن شراء شركة «نست» المختصّة بصناعة أجهزة تحكّم بحرارة المنازل وأجهزة إنذار الحرائق المتصلة بالإنترنت، كخطوة بارزة نحو التحوّل صوب إنترنت الأشياء. وقد استحوذت «غوغل» على الشركة بمبلغ 3 مليارات دولار، ومن أهمّ ما تقوم بتصنيعه جهاز «ترموستات» الذكي القادر على التحكّم بحرارة المنزل، وأجهزة التكييف.
مما لا شكّ فيه، أنّ شبكة الإنترنت قد غيّرت حياتنا اليومية الحالية بشكل كبير. الهاتف الذكي يقوم بتحديث نفسه مع نظام تحديد المواقع، ويطلعنا على حركة المرور، وعلى محلات السوبر ماركت القريبة، الخ... يتوقع الخبراء في المستقبل القريب، أننا سنستقبل رسائل نصية من أجهزة ذكية أكثر من تواصلنا مع البشر. والسيناريو المتوقع لذلك التواصل، قد يكون على الشكل التالي: في طريق عودتك إلى المنزل، ترسل سيارتك إشارة إلى شبكة الـ«واي فاي» الخاصة بك في المنزل، فيتم تعديل الحرارة التي تلائمك، وتضاء الغرف. وفور وصولك، تستقبلك أغنيتك المفضلة. بعدها يبدأ الميكروويف بتسخين الطعام. كلّها أمور كانت لتبدو خيالية وصعبة التحقيق في الماضي القريب، وقد تقارب في صورتها أفلام الخيال العلمي، لكنّها باتت قريبة المنال في المستقبل القريب.
ليس هناك من مشكلة تقنية تؤخر هذا التغيير، لكن التحدي يكمن أولاً في جهوزية بعض الدول لاستيعاب هذا التطور. فعلى سبيل المثال في لبنان، ليس لدينا حتى الآن التكنولوجيا الضرورية لاستعمال بعض التطبيقات، أو حتى خدمة إنترنت سريعة. كما أنّ تكيّف المستهلك مع هذا الواقع، لن يكون سهلاً، وسيتعين على الشركات مهمّة إقناعه في استبدال أجهزته الخاصة بأجهزة ذكية، بدلاً من التقليدية التي يمتلكها.
لكن الأمور لن تكون دائماً مثالية كما تبدو، ومثل اي تكنولوجيا حديثة سيكون لها انعكاسات سلبية. إذ يمكن لذلك النظام أن يتعطل بكلّ بساطة، عندها، سيكون من الصعب جداً العيش من دون كل تلك التسهيلات. كما سيتمّ تخزين جميع البيانات الشخصية في مكان ما، ويمكن استخدامها من قبل الشركات التجارية ووكالات الإعلان. وذلك ما قد يمكّن شخصاً ما، يجلس في مكان لا تعرفه، من معرفة نوع الكاتشاب الذي تستخدمه، وأي مياه تشرب، وأي مجلة تقرأ، وأي أغنية تفضل سماعها في الصبا. توريط حياتنا بكلّ تلك التكنولوجيا، قد يمسّ بالتفاصيل الصغيرة الخاصة، وخير مثال على ذلك الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي اليوم.
عندما توقع بعض مخرجي الأفلام السينمائية، أنّه سيتمّ خطف المعلومات في المستقبل، فإنّ ذلك لم يكن بعيداً عن الحقيقة. ربما يصبح بإمكان قراصنة الانترنت أن يقوموا بطلب فدية مقابل خطفهم بياناتك الشخصيّة! لم نصل إلى تلك المرحلة بعد، لكن بعض الشركات بدأت بالفعل بنشر معلومات وتحذيرات عن التهديدات المحتملة التي قد تحدث نتيجة «انترنت الأشياء».