التاريخ الأسطوري لأحمر الشفاه

الكتاب يحكي أسطره مفترضة لهواجس تعيش فينا ونعيش فيها منذ أن عمدنا آدم عليه السلام  بأبوته وحتى اللحظة .
الكتاب رؤى لجمال ما يكمن في الروح .وتحليل لمشاعر البشر لحظة الدمعة والابتسامة وتدوين لتواريخ الحروب والغرام.
أحمر الشفاه ورؤى الجنة ومسلات الفقراء والبحث عن عطور مبتكرة لراحة النفس البشرية ، وقراءات غيب مفترضة لمصائرنا .هو كل ماحرصَ فيه نعيم عبد مهلهل ليقدمه لنا في كتابه هذا!
أنه دهشة مستعارة بعناية لعوالم من تجريب الكلمات وهي تعي اشتغالها في حدود مخيلة الكاتب عندما يفتش في تواريخه وأمكنته ومدنه عن هاجس يضعه أمام الحقيقة البارعة في كشفٍ نود الوصول إليه .وربما وجد في احمر الشفاه إجابات حسية وموسيقية وروحية للكثير من إشكاليات أسئلته ورؤاها منذ أن تعلم مشقة الحرف وحتى آخر كتبه هذا.
يكتب نعيم عبد مهلهل كتابه هذا وقد حملت سطوره وفصوله متخيلات لاتحصى عن عالم يمتد منذ طقوس الوعي الأول وحتى اليوم .ويحاول فيه أن يضع قارئة مع استمرارية مشروعه القرائي والكتابي في تدوين مختلفٍ لتواريخ يعتقد الكاتب إنها تواريخ صيرورة البشر منذ أن تعلم أن يدون على شفاه الطين تنبؤاته وقصائده وأحلامه وتوسلاته الغرامية  لنراه في كل فصول الكتاب يحلق بأساطيره ونوارسه وكلماته في فضاء من بهجة التعبير ودهشته .
بل أنه يرينا عالما متسعْ الأفاق وغرائبي ويؤرشف اللحظات الجميلة بحميمة لقيا الأجساد والممالك وقيثارات الليل وكأنه يرينا في جغرافية الرحلة المهلهلية طفولة مغرمة بالوعي والرواية والقصيدة والكشف بل ويحتفي بأسرار تلك الجغرافية من خلال افتراض ما كان ويكون .
أنه كتاب يشتغل على النبؤة والحدس وصناعة الاشتياق بطريقة يجعل الأحمر الذي على الشفتين مثار يقظة لإحساسنا لنكون ونهيمن ونلتصق.
في فصول الكتاب تتعدد سياحة العناوين وكشافاتها وما تريد الوصول إليه فمن أحمر الشفاه وتواريخه الأسطورية على فم الملكات والجواري والحريم وممثلات السينما إلى قراءة الحس التراثي والجمالي في المخطوطة التراثية طوق الحمامة لأبن حزم ومرورا بقراءات لدهشة أمكنة عاشها الكاتب وقرأ في خليقتها كما فعل في فصل عن مقاربة الفردوس السومري بالقرية الألمانية شوبنكن التي عاش فيها الكاتب ردحاً من الزمن ثم يبحر بينا إلى متخيلات شعرية عن الفردوس وأمكنته التي توفر للخيال بهاء نسيان عناء الحياة الأرضية ومشقاتها .
الكتاب الذي نشر الكاتب جميع فصوله على صفحات جريدة الزمان اللندنية كانت رؤية الكاتب تقوم على صياغة النص القرائي للمعلومة والحدث والفاصلة التاريخية برؤية جمالية تقوم على أساس بناء رؤية مغايرة لفهم نتوارثه من المحاكاة والتدوين المختلف عليه .فيما كانت بعض فصول الكتاب تتحدث عن رؤى دهشة الشعر في مصطلح جديد بدء يطغي على بعض متناولات القصيدة وكان الفصل بعنوان الشعر السيمفوني وتطبيقاته الايروتيكية .
وفيه يرى نعيم عبد مهلهل أن الشعر الايروتيكي يتجنب ما يعتقد البعض أنه إباحية مقنعة للكلمات يريد فيها بعض الشعراء أن يتجاوزوا المألوف الأخلاقي والاجتماعي لرسالة الشعر . ليبرهن الكاتب في فصله الايروتيكي من كتابه التاريخ الأسطوري لأحمر الشفاه أن الايروتيكية هي سياحة حسية لذيذة وجميلة وتعبير حي عن الكامن الروحي يتلوه الشاعر بشجاعة محارب سومري أو إغريقي أو أي فارس من فرسان خيام صحارى الروح والكلمة.
ويرينا الكاتب تطبيقاته الشعرية على هكذا نمط من الشعر ويعتبره تصاعدا سيمفونيا في إيقاع موسيقى القصيدة وانفعالاتها التي يصل فيها الجسد إلى لحظة انفعال لذيذ تساوي تلك اللذة التي تسكن المتصوفة والدراويش وطالبي الغرام.
كتاب نعيم عبد مهلهل والذي تلخص الروائية السورية رزان نعيم المغربي رؤيتها عن الكتاب بقولها : اطلعت على ملخص منشور عن الكتاب اعتبره كتابا مهما جدا يمكن استلهام أكثر من عمل إبداعي يعتمد عليه .
يمثل في مادته وتنوع رؤاها وخروجها عن مألوف التناول في موضوعيته يمثل أضافه نوعية لثقافة الكتاب العربي والثقافة الجديدة التي ينبغي أن تعيش عولمة القرن الحادي والعشرين بما يؤسس لرصانة أدبنا ومسايرة متغيرات الثقافة الحديثة دون أن نشذ عن أصالة ماورثناه من غنى واقتدار في ثقافتنا العربية والإنسانية على مر العصور.