أنت هنا
الحلم والعجائبي في يارا ترسم حلما القصص الفانطاستيكي
بقلم : محمد داني – الدار البيضاء - المغرب
- القصص الفانطاستيكي:
الفانطاستيك هو نوع من كتابة التعجيب،كما أنه يمثل مكتوبا يقدم شخوصا وظواهر فوق طبيعية يمتزج فيها الطبيعي بما هو فوق طبيعي،مقلقة تجعل المتلقي يتردد بين تفسيرين للأحداث.ويشكل هذا التردد العنصر الأساسي للفانتاستيك [1]،من خلال بحثه عن مفاجآت لعالمنا العادي والمألوف.إنها ثورة على العقلانية.
وفي موروثنا العربي نجد من البعد الفانتاستيكي والعجائبي ما يغلف حكايانا،وخير دليل على ذلك حكايات ألف ليلة وليلة،و" التي تضمنت بنية تعجيبية من خلال وصف عالم فوق طبيعي داخل عالم مألوف وشخوص يطالهم الامتساخ والتحول"[2].
إنها عالم يتكون من خليط من الجن والإنس والخارق والمألوف المعتاد. وهذا - كما يقول الدكتور شعيب حليفي – يربك المتلقي ويزعزع يقينه،ويجعله في حيرة من أمره.
كما أن (كليلة ودمنة) لا تخلو من عجائبية لما تتوفر عليه من فضاءات حيوانية عجيبة،بالإضافة إلى بعض السير الشعبية كسيرة سيف بن ذي يزن، وفيروز شاه، وغيرهما .. كما أن كتاب أبي العلاء المعري (رسالة الغفران) يدخل في هذا المنحى لما تنبني عليه من حلو وخيال،وجنوح خيالي كبير.
وبعض الكتب التاريخية القديمة، أو سير الأمم والملوك، كبدائع الزهور في مواقع الدهور،وتاريخ الطبري (تاريخ الملوك والأمم) لا تخلو هي أيضا من إدهاش ومبالغة في التعجيب.. وأيضا الكتابات المؤرخة لكرامات الأولياء والصالحين، والصوفية من غرائب.
وأدب الأطفال قد استفاد من كل هذا بالإضافة إلى ما ترجم من كتابات الغرب الفانطاستيكية ليقدم للطفل العربي أدب أطفال فانطاستيكيا.وقد كان كامل كيلاني رائدا لما قدمه للمكتبة من عناوين وقصص، اعتمد في أغلبها على ألف ليلة وليلة، والأساطير اليوناننية.
وهذه الكتابة العجائبية تخصب خيال الطفل وتغني مخياله.كما تساعده على التمثل والتصور وخلق عوالم جديدة لا تمثل الواقع.
وأدب الأطفال الفانطاستيكي يقدم للطفل كتابة وقصصا تبنى على التغريب والتعجيب والإدهاش،باعتماد التحول المسوخي للشخصيات،ونقائض القيم للوصول إلى القيمة التي بواسطتها يتحقق الاتزان والتوازن،واعتماد أيضا الخوارق والرعب.
والمسوخات أو الامتساخ والتحولات التي تقدم في أدب الأطفال تكون ثلاثة مظاهر:
- الإنسان الممتسخ إلى حيوان (الإنسان الحيواني)،فالامتساخ يمس المظهر الخارجي،تبقى الأحاسيس ولكن الممسوخ يفقد النطق والكلام.
- الحيوان المؤنسن..أي يأخذ الحيوان بعض الصفات الإنسانية (النطق والتفكير).
- النبات المؤنسن،كسابقه من الحيوان المؤنسن.
وأدب الأطفال المعاصر اليوم بدأ يجد التعجيب والغرائبية في الحلم والتماهي...فبالحلم يدخل الطفل عوالم غرائبية، ويحقق المعجز ...وبدأ الكاتب العربي يغزو هذه العوالم الحلمية ليقدم للطفل العربي عوالم يمتزج فيها الواقع بالخيال... كما يكثر فيها الصدف السعيدة ...وتحقيق الأمنيات البعيدة ... وهذا نجده في النموذج القصصي الذي سنجلس إليه للتحليل والمناقشة، وهو عمل الأستاذ سهيل أبراهيم عيساوي الكاتب الفلسطيني المبدع والأديب المتنوع، والذي عنونه ب (يارا ترسم حلما).