أنت هنا
الحياة في بيوت فلسطين كتاب يكشف تفاصيل الانماط المعيشية للفلسطينيين
رأت الأستاذة المشاركة د. مي صيقلي بجامعة واين ستايت، أن كتاب "الحياة في بيوت فلسطين- رحلات ماري إليزا روجرز في فلسطين وداخليتها 1855-1859"، يقدم موردا عظيما من المعلومات للقارئ والباحث العربي والفلسطيني؛ فهو مصدر حافل بالمعلومة.
وأكدت صيقلي في مقدمة الكتاب الذي ترجمه إلى العربية جمال أبو غيدا أن هذا الكتاب هو "كنز من المعلومات ومنطلق لمعرفة تلك الحقبة التاريخية البالغة الأهمية عن كثب"، فهو يستعرض تفاصيل وجزئيات دقيقة لأنماط الحياة في أوساط الفلسطينيين، التي قد يبدو بعضها الآن باليا أو متقادما.
ونوهت صيقلي إلى أن ذلك المهجور أو المتقادم أو جوهرة، ما يزال حيا في الذاكرة الجمعية لكل الفلسطينيين حيثما كانوا، في الوطن وفي الشتات، كاشفة عن تفاصيل ودقائق الأنماط المعيشية للفلسطينيين آنذاك، مع بعض التركيز على المناطق الشمالية من فلسطين، لاسيما حيفا والبلدات والقرى الشمالية.
وأشارت صيقلي إلى أن روجرز اطلعت خلال الأحاديث الحميمية التي كانت تتبادلها مع الذين عرفتهم من الفلسطينيين، على مؤشرات مهمة ودقيقة عن مقدار الوعي الفكري والسياسي المبكر للمجتمع الفلسطيني، مشيرة إلى أن تلك الفترة شهدت بزوغ البدايات الأولى لنشوء الوعي القومي العربي، وما صاحبه من مدى انتشار وتنام للإحساس بالعروبة كهوية قومية واضحة المعالم على المستوى الشعبي.
وتعقبت المؤلفة، وفق صيقلي، الآثار الهدامة للنظام العثماني على مسار التنمية والتطور التي يتوق المجتمع إليها، ومدى لهفة هذا المجتمع إلى الخروج من تلك الشرنقة الموغلة في التخلف طلبا للحرية في أماكن عديدة من الكتاب، منوهة إلى أن المؤلفة قدمت قصصا تنبض بالحيوية والدقة عن حياة المرأة داخل أجنحة الحريم المغلقة في البيوت في المدن والقرى الفلسطينية، وتستعرض الأنماط الاجتماعية التي كانت تحكم حياة النساء ومعيشتهن في تلك الفترة.
ورأت صيقلي أن هذا العرض يمنح القارئ فرصة للتعرف على الظروف المعيشية للنساء في كافة أطياف المجتمع الفلسطيني، مسلطة الضوء على الحياة النسوة الريفيات في قراهن وبلداتهن، وعلى سيدات المجتمع في المدن الأكبر والأكثر تعرضا للتأثير الغربي.
وبينت صقيلي إن هذه الفترة من التاريخ تميزت بالتأثير الذي تركه النشاط الزراعي وصناعة الصادرات الفلسطينية القائمة على المنتجات الزراعية، خصوصا في مناطق الشمال الفلسطيني على حياة المجتمع والشرائح والطبقات الاجتماعية المكونة لهذا المجتمع كما تبين التجارب التي خبرتها روجرز وساقتها في كتابها.
وقالت صيقلي إن المؤلفة وثقت بصور النفوذ الغربي، لاسيما البريطاني والفرنسي، وتعاظم حضوره في فلسطين، مؤكدة ومرسخة ما أصبح حقيقة سياسية وطأت لها الاتفاقيات التجارية التي كانت تركيا العثمانية قد بدأت بإبرامها مع القوى الأوروبية العظمى كاتفاقيات تجارية في القرن السادس عشر، والتي تحولت لاحقا إلى استسلام.
وأشارت إلى أن روجرز كانت نتاجا لمجتمعها وزمنها، وكانت ذات خلفية إنجيلية أصولية وأفكار تتناسب وهذه العقلية عند تفسير وفهم التاريخ والأحداث، رغم نهجها "الاستشراقي" إزاء المجتمع العربي بمسلميه ومسيحييه.
وأكدت صيقلي على أن المؤلفة كانت راوية صريحة وأمينة للحقائق التي تظهر مدى رسوخ المجتمع الفلسطيني وتمسكه بأركان ثقافته وثباته على تراب أرضه. بل إنها، باستقراء الكثير من الأوجه، عالمة مثقفة بعلوم الإنسان وباحثة غير متكلفة، تقيم صلة شخصية وثيقة بما تتناول من مواضيع فضلا عن استعدادها لخوض الصعاب من اجل الحصول على القصة بتفاصيلها.
وجاء الكتاب الصادر عن المؤسسة العربية للدرسات والنشر، في "413" صفحة ويضم أربعة عشر فصلا، جاء الأول بعنوان "من لندن إلى بلاد الشام- يافا"، أما الفصل الثاني فيتحدث عن "بيت المقدس"، ويتناول الفصل الثالث "بيت المقدس وما حولها".
وحمل الفصل الرابع عنوان "من بيت المقدس إلى حيفا"، ويستعرض الفصل الخامس "الحياة في بيوت حيفا"، ويتناول الفصل السادس رحلتها "من حيفا الى الناصرة" ويشرح الفصل السابع "الحياة في حيفا"، والتعليمات الإدارية العثمانية الجديدة.
ويبين الفصل الثامن "الحياة في حيفا"، وعصافير الدوري على أسطح البيوت، وفي الفصل التاسع وهو بعنوان "من حيفا إلى عرابه"، تتحدث عن مضارب البدو والنساء البدويات وصناعة الخبز عند البدو، فيما ينقل الفصل العاشر رحلتها "من عرابه إلى نابلس"، والتجوال في عرابة وقلعة صانور وجناح الحريم في القلعة.
ويتناول الفصل الحادي عشر رحلتها "من نابلس الى بيت المقدس" ويتحدث عن بيت المقدس وما يحيط بها من قرى وكنائس ومرافق وطرق محفوفة بالمخاطر، ويتحدث الفصل الثاني عشر عن "الحياة في بيوت القدس"، وبنات الفلاحين، وقطف الورد والمغارات وقوانين مراعاة حرمة شهر رمضان.
بينما يتحدث الفصل الثالث عشر عن رحلتها "من بيت المقدس إلى حيفا"، وتتناول المؤلفة الفنون والشعر الحديث عند العرب، وتسجل الكاتبة في الفصل الرابع عشر "المشاهد الأخيرة لحيفا" وفيها تتحدث عن عيد الجسد وبساتين البهجة وفرحة الجمال ورسائل الحب، لبيبة في منزلها الجديد، نساء دمشق واختلافهن عن نساء حيفا.