أنت هنا

زقنموت سيرة مدينة مهمشة وشخصيات مدحورة

زقنموت سيرة مدينة مهمشة وشخصيات مدحورة

صدرت للكاتب العراقي تحسين كرمياني روايته السادسة التي تحمل عنوانا غريبا بعض الشيء وهو زقنموت، لكن هذه الغرابة سرعان ما تتلاشى حينما نتوغل في تضاعيف النص، ونسبر أغواره العميقة التي تعود بنا إلى زمن الديكتاتور وحروبه العبثية التي كان يشنّها على الداخل والخارج على حد سواء حيث زقنا الموت زقا. فالرواية تنتمي من دون شك إلى أدب الحرب، وتحيل القارئ إلى فضاءاتها المُفجعة والمقززة في آن معا، كما أنها تستنطق الواقع العراقي إبّان عسكرة البلاد وهيمنة العناصر الأمنية والحزبية على مفاصل المدن والقصبات العراقية برمتها بحيث لم تفلت من قبضتهم حتى قرية أم العاقول النائية التي دهموها على حين فجأة واقتادوا الجنود الهاربين من خدمة العلم إلى ميدان المدينة كي يعدموهم أمام الملأ جهارا نهارا من دون أن ترتعد لهم فريصة أو يهتز لهم جفن. لا تقف هذه الرواية عند تحليل الحقبة الديكتاتورية حسب، وإنما تمتد إلى البحث والتنقيب في تاريخ جلولاء، المدينة التاريخية المعروفة التي لم تنل حظا واسعا من الدراسة والاهتمام. وحينما أعاد النظام السابق كتابة تاريخ العراق ضغط معنى المدينة بجمل مبتسرة مفادها أن البلدة كانت ممرا حيويا لجيش - سعد بن أبي وقّاص - بقيادة - هشام بن عتبة بني أبي وقاص - لدحر الفلول المتبقية للساسانيين في واقعة - حلوان - التي تبعد عن جلولاء بعدة فراسخ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن جلولاء قد تحولت في غالبية قصص الكاتب ورواياته إلى جلبلاء في إشارة واضحة إلى أن هذه المدينة الوادعة هي جالبة للبلايا والشرور والفواجع، بينما لا تختلف هي عن أي مدينة عراقية أخرى تعرّض أبناؤها للقمع والاضطهاد ومصادرة الحريات الخاصة والعامة.
- الهيمنة الرومانسية على الرغم من المنحى التراجيدي لرواية زقنموت فإنها تدور في فلك الحب والرومانسية والشعر العاطفي الذي تتجلى فيه شذرات فلسفية هنا وهناك، كما أن النص في جانب منه يحتفي بالمناخ الأسطوري سواء في مدينة جلبلاء أو في تل الجن حيث يأخذ الموروث الديني طابعا خارقيا يمجد السحرة والمشعوذين وبعض المنحرفين من رجال الدين الذين يدّعون أنهم من أصحاب الكرامات الذين يعيدون للمجنون عقله، والأعمى بصره، والعقيم خصوبته الجنسية كما هو الحال في شخصية عبد الخالق، جد بطل الرواية ماهر عبد الكريم الذي فقد والده في حادث سيّارة حين كان عمره اثنتي عشرة سنة. لكن هذا الشاب الوسيم الذي يكتب شعرا سيقع في حب ثلاث فتيات في عمر الورود وهن بحسب تسلسلهن في النص الروائي مهدية، ومها، وماجدة. والملاحظ أن هذه الأسماء الثلاثة تبدأ كلها بحرف الميم. وأكثر من ذلك فإن التشكيلية الثلاثية قد تحيلنا إلى فلسفة البناء عند والد ماهر الذي قال لصديقه ذات مرة عن البيوت التي يبنيها: البيت الأول بِعْه، الثاني أجِّره، الثالث اسكن فيه. يا ترى، هل تنطبق هذه النصيحة على الفتيات الثلاث اللواتي أحبّهن ماهر وتعلّق بهنّ جميعا، أم أنه سيدع الأمور تجري في أعنّتها / ولا يبيتنّ إلاّ خالي البالِ؟ لا شك في أن مهدية لها طعم الحبيب الأول، بينما تحتل مها مكانة خاصة على الرغم من أنّ أولاد خالتها الضباط قد يعرقلون هذه الزيجة، أما الثالثة ماجدة فقد ورطته في المجيء معها إلى المدرسة في مخالفة قانونية صريحة ضبطها بعض العناصر الأمنية فاشترطوا عليه أن يتزوج مها أو ماجدة أو الاثنتين معا، لكنه وقع اختياره في خاتمة المطاف على مها التي أحبّها وأخلص لها كثيرا.

الناشر: 
eKtab

أخر الأخبار

يسرقون الصيف من صندوق الملابس نزار أبو ناصر

يسرقون الصيف من صندوق الملابس

نزار أبو ناصر

 

صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2021 ديوان " يسرقون الصيف من صندوق الملابس" للشاعر نزار أبو ناصر.

 منذ أعماله الأولى والشاعر نزار أبوناصر يطرق باب...

تاريخ فلسطين الحديث د. عبد الوهاب الكيالي

تاريخ فلسطين الحديث

د. عبد الوهاب الكيالي

 

صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2021 كتاب " تاريخ فلسطين الحديث" - تأليف د. عبد الوهاب الكيالي . هذه هي الطبعة الثانية عشرة من الدراسة الجادة والشاملة لتاريخ فلسطين...

لأول مرة كتب عربية وانجليزية رقمية في مكان واحد وفي مكتبة واحدة متاحة للجميع

تعلن شركة ektab عن توفيرها 70,000 كتاب باللغة الانجليزية لمستخدميها مجاناً عبر موقعها الالكتروني www.ektab.com

اطلقت شركة  “اي كتاب” 70,000 عنوانا باللغة الانجليزية من شتى...