أنت هنا
فراق بعده حتوف للعماني عبدالله حبيب
فراق بعده حتوف عنوان المجموعة الشعرية الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للشاعر العماني عبدالله حبيب. وقد تكون جملته: ترجلت فامتلأت رئتاي بالغبار عنواناً عريضاً لنصوصه التي ضمها الديوان. فالمؤلف يكاد يغص بالحزن والمرارة نافثاً ما يمكن ان يدفعه من غبار ملأ رئتيه، متواصلاً في 155 صفحة من القطع المتوسط حاملاً ارث الكآبة على صدره.
يفتتح عبدالله حبيب كتابه الجديد بهدأة يقول فيها: سيتكفل الزمان بشفاء الجرح، ولكن كيف يمكن ذلك اذا كان الزمن نفسه هو الجرح. ومن الهدأة التي اختارها المؤلف الى الهدية التي يعبر عنها فراق اليك، وحتوف الى ذكرى لطيفة حبيب في حتفها الباكر، والى عبدالله عبيد وسالم علي وعبدالرحمن حسن الذين تضيق بهم الحياة، ولا تتسع لهم الحتوف.
تنضوي مجموعة من النصوص الشعرية تحت عنوان الجزء الاول من الاصدار المسمى فراق، وتتألق اللغة ناثرة دموعها في المقاطع المزهرة لصبار الحزن العميق على فراق لا يسميه الكاتب لكنه ينبعث ألماً في معظم المقاطع، متحفزة على شجن مر: لو كنت أعلم أنك تتوسدين زندي للمرة الاخيرة لقطعت أطراف الشمس النائمة في آخر أنفاسك - ورميتها خارج المدينة لتنزف في الصحراء الكسيحة وجروف الحنين.
واللغة المنسكبة لا تخجل من كشف جذوة الحزن كما أرادها المؤلف فهي ماضية في تراتيلها تتفصد ألماً على الفراق بمرارة مذاقه على الهاجع في وحشة وحدته.
وفي الجانب الآخر من الاصدار تتألق اللغة الشعرية في مجموعة من النصوص المؤتلفة تحت العنوان الثاني للمجموعة وهو حتوف، 11 نصاً قصصياً ذات دفق شجي وقد عرفه النصف الاول من الكتاب، لكنها تنهض من غلالة الدمع الى فضاءات كونية تتجاوز الذات نحو مصير أوسع كوناً، لكنه ضيق بوجوده الانساني. يعتمد عبدالله حبيب سوريالية الصورة ليقارب بين لوحات حكاياته حيث ظهر بعير ضخم بلا رأس قبل سنوات بعيدة والتهم صبياً كان عائداً الى بيته بعد لعبة الغميضة الليلية مع أقرانه.
ومجموعة فراق المرفقة بـحتوف تأتي بعد عشر سنوات من الصمت، وكان آخر الكتب ليلميات الصادرة عن دار الجديد في بيروت عام 1994 وجاءت في العام نفسه الذي صدر له فيه قشة البحر مسقط 1994. وصدرت له ترجمة ملاحظات في السينماتوغرافيا لروبير بريسون عن المؤسسة العامة للسينما في دمشق 1998.