أنت هنا
كتاب عن خطر الطلاب الآسيويين في الجامعات الأميركية
صدر أخيرا كتاب «موديل ماينوريتي» (الأقلية المثالية: حقيقة تفوق الطلاب الآسيويين في الجامعات الأميركية).. لم يعد سرا قلق الأميركيين، ليس فقط على تفوق الصين اقتصاديا، وسياسيا، والآن عسكريا، وليس فقط على تفاقم ديون الصين عند وزارة الخزانة الأميركية، ولكن أيضا على زيادة عدد الطلاب الصينيين في الجامعات الأميركية. بل على زيادة بقية الطلاب الآسيويين في هذه الجامعات. ومن المفارقات أن هؤلاء، بحسب أبحاث ونتائج امتحانات وشهادات تخرج، أكثر ذكاء من بقية الأقليات (مثل السود واللاتينيين). بل أكثر ذكاء من الأغلبية البيضاء، طلبة وطالبات على السواء.
مؤلف الكتاب نيكولاس هارتليب أميركي من أصل كوري، وهو أستاذ التعليم والتربية في جامعة إلينوي ستيت (ولاية إلينوي). وهو، بهذا، يرد على هذا القلق الأميركي من الآسيويين.
ركز على كلمة «ستيريوتايب» (صورة نمطية، أو نظرة عامة). وكتب: «في هذا الكتاب، أريد أن أعلق على هذه النظرة العامة للطلاب الآسيويين في الجامعات الأميركية. وهي نظرة تستمر وتزيد. وصارت لها نتائج سياسية واجتماعية، ليس فقط على عامة المواطنين، ولكن أيضا على هؤلاء الآسيويين أنفسهم».
وأضاف: «هذه النظرة العامة نحو الآسيويين موجودة في الولايات المتحدة، مثلما في أوروبا، وفي كندا المجاورة».
وأشار إلى ضجة في كندا، قبل ثلاث سنوات، بعد أن نشرت مجلة «ماكلين» الكندية تقريرا حذر من زيادة المهاجرين الآسيويين. وقال التقرير إن هؤلاء، مهما فعلوا، سيظلون «أجانب». يشير هذا إلى إحساس عام وسط الغربيين بأنهم «يختلفون» (يقصدون «يتفوقون») عن الآسيويين.
وانتقلت الضجة إلى الولايات المتحدة. وكأن الأميركيين كانوا في انتظار إشارة من كندا؛ فقد هبوا - مباشرة وغير مباشرة، علنا وضمنيا - يعربون عن خوفهم مما سموه «الغزو الآسيوي».
لهذا، يرد الكتاب على هؤلاء، ويركز على طلاب الجامعات
وجاء في الكتاب: «ربما يعتقد الناس أن الجامعات هي مكان التفوق الأكاديمي والأخلاقي. لكن، في مثل هذه الحالة، لا يختلف الجامعيون، أساتذة وطلبة وطالبات، عن عامة المواطنين». وأشار إلى الآتي:
أولا: توجد كثيرا هذه الصور النمطية العرقية. وتوجد كثيرا مشاعر عدم الارتياح، إن لم تكن مشاعر العداء، ضد الآسيويين.
ثانيا: تعكس هذه التغييرات في التركيبة السكانية في الولايات المتحدة، وفي كندا، ودول أوروبية أخرى.
ثالثا: تعكس بروز الصين والهند بوصفهما قوتين عالميتين، بالإضافة إلى اليابان.
رابعا: تعكس تركيز وسائل الإعلام، خاصة الغربي، على ثنائية «نحن» في مقابل «هم».
خامسا: تعكس التمييز التاريخي، والأبدي، بين الأبيض والآسيوي.
سادسا: بالتالي تحرض على الكراهية العرقية والانقسام، بدلا من تعزيز حوار بناء على التنوع والتكامل، خاصة في الجامعات.
وقدم مؤلف الكتاب نفسه مثالا. وأشار إلى مثل أميركي يقول: «عندما لا نقدر على أن نغير الواقع، نغير أنفسنا». وكتب: «تربيت في ضاحية أميركية مع عائلة بيضاء، كانت تبتنى من كوريا وأنا صغير جدا. لهذا، اضطررت لأن أتغير مرتين: وأنا صغير، لأكون أميركيا. ثم عندما كبرت، لأكون أميركيا كوريا».
وأشار إلى المشكلات التي واجهته في المراحل المدرسية. وخاصة الجامعية: وهو طالب، وهو الآن أستاذ. لكن، ليست هذه كلها «مشكلات» بالمعنى السلبي للكلمة، ولكن «مشكلات» بسبب نظرة الأميركيين إلى الآسيويين على أنهم «خطر ذكي». يقصدون أنهم أذكياء في الدراسة. ولكنهم، لهذا، خطر.
ومن هنا اسم الكتاب: «الأقلية المثالية».
لكنها، كما قال، «مثالية» تعتمد على التفوق في الدراسة فقط. ولا تضع اعتبارات للمواضيع الإنسانية.
وكتب: «حتى اليوم، وأنا أستاذ جامعي، لا يرى الآخرون فيَّ الجانب الإنساني. يرون لوني (الأصفر)، وأحيانا، يقولون إنني (شبه أبيض)».
وكتب: «يظل التحدي لتغيير نفسي ثابتا ومستمرا. لكن، في مثل هذه الظروف، أريد تقوية انتمائي الكوري. أريد الاشتراك في المؤتمر العالمي القادم للكوريين في الخارج».
وقال إن الإحساس بأنه «أجنبي»، وهو أستاذ جامعي، يجعله لا يكاد يصدق إحساس طالب كوري أو صيني في جامعة أميركية. ناهيك عن إحساس مهاجر صيني يعمل عاملا، أو طباخا. واعترف بأنه، في أعماقه، ربما يساهم في هذا الإحساس بأنه «أجنبي»، وذلك لأنه لا يقدر على أن يتحاشى النظر إلى كوري أو كورية، كبير أو صغير، في مركز تجاري، أو في الشارع. خاصة إذا كانت طفلة أو طفلا مع أبوين أبيضين. ويتساءل، في نفسه، عن أحاسيسهم وهم في هذه السن المبكرة. وعن كيف ومتى وهل ستتغير هذه الأحاسيس عندما يكبرون؟
لهذا، ليس الكتاب فقط عن تفرقة الأميركيين ضد طلاب الأقلية في الجامعات الأميركية، وفي بقية المجتمع، ولكن، أيضا، عن أحاسيس هذه الأقليات. وعن دورها، هي نفسها، في خلق مشكلاتها. وكتب: «عندما كنت صغيرا، كنت أريد أن أكون أبيض. طبعا، كبرت وغيرت تفكيري. لكن، هل تغير تفكيري الباطني؟ هل أنا مع عقلي الواعي أو غير الواعي؟». وأضاف: «يظل الكوريون (وغيرهم من الآسيويين، وشعوب أخرى) دائما يريدون أن يكونوا مثل البيض. انظر إلى تغيير الأسماء، وإلى العمليات الجراحية التجميلية. وتظل الأبحاث، وأنا أجريت بعضها، توضح أن الأميركيين الآسيويين يفضلون الغربيين على الشرقيين».
وختم: «جاء وقت تأكيد الهوية الآسيوية، يقول السود: بلاك إز بيوتيفول (اللون الأسود جميل). لنقل الشيء نفسه لأنفسنا»