أنت هنا
معرض الكتاب أيام وعوالم
جميلة هي الأيام التي أقضيها مع الأصدقاء والزملاء مع القراء في لقاءات لا تخلو من حوارات نتبادل فيها وجهات النظر حول كتاب، كاتب، قضية ما تشغل بال المثقفين في وقتهم الراهن. بالإضافة إلى الجولة اليومية على دور النشر والتعرف على جديدها من الاصدارات، وما تمت إعادة طبعه من أخرى قديمة أو نافذة التي تجدد حضورها بشكل مختلف على مستوى الاخراج والتقديم خصوصا ان توافق إعادة طبعها مع مستجدات أو ظروف تصبح قراءتها ضرورية لمعرفة ما تحمله من رؤى سابقة، قد تكون لاحقة، ومناسبة لكل جيل. وهذه هي الفلسفة المفترضة إعادة الطبع لمثل هذه الإصدارات، ففي القديمة تجد انعكاسا من الماضي لفوضى حالية كما يذكر البرتو مانغويل في يوميات القراءة. بالإضافة طبعا إلى الكتب المعاد طبعها بسبب حصول كاتبها على جائزة أدبية مرموقة، كما هي حال الفائزين بجوائز نوبل والبوكر. وعلى ذكر الأخيرة، أذكر أن الروائي السعودي عبده خال عندما تمت دعوته لتقديم شهادة روائية في فعاليات معرض الكتاب هنا في ذات العام الذي فازت به روايته (ترمي بشرر) بالنسخة العربية للبوكر، اعتذر عن عدم الحضور في اللحظة الأخيرة. وربما بررها هو بسبب منع عدد من الاصدارات العربية، في حين أجد بتصوري أن سبب اعتذاره نتيجة استمرار منع مشاركة ناشر كتبه دار الجمل في معرض الكتاب منذ سنوات، الأمر الذي لا يتفق أبدا مع تقاليد الدعوة والضيافة، وأنا لا ألومه صراحة.
ومع ذلك، تبقى لمعرض الكتاب في الكويت نكهته الخاصة في رؤية عدد من الأدباء الكبار، أمثال الأدباء مع حفظ الألقاب: اسماعيل فهد اسماعيل، ليلى العثمان، سعدية مفرح، حمد الحمد، ثريا البقصمي وغيرهم يتجولون بين أروقة المكان وزيارة دور النشر الجديدة دعما لكتابها والقائمين عليها، وما يثلج الصدر فعلا ويعطي شعورا ودافعا للقراءة والكتابة معا، فبهما ينمو الوعي وتتطور الذائقة مستقبلا.
في أحد الحوارات مع عدد من الأصدقاء ورواد المعرض، طرح بأن المعرض يشهد تفشي ما يسمى بـ الأدب الهابط أو الرديء، وأجده بتصوري حكما قاسيا ومتعاليا على تجارب الشباب الذين بما أنهم يخطون أولى خطواتهم في عالم الكتابة حتما سيخطئون. ولكننا، كما قال الروائي ناصر الظفيري في مقاله الأخير نتجاهل أنها الطريق الأول للفعل القرائي الذي سيتطور حتما الى الأفضل وان لم يتطور الفعل الكتابي لهؤلاء الكتاب. كما أن دورنا المفترض هو التوجيه والتوعية والمتابعة. ولعل الكثير منا نسي أو تناسى أننا في قلب عالم مفتوح بفضل التواصل الاجتماعي سبقه عالم المدونات والمنتديات الالكترونية لندخل فعلا لعالم النشر الالكتروني وهو التحدي الأكبر للكتاب والناشرين. فلهذا و بفضل هذا الانفتاح امتلك الشباب جرأة الكتابة وفق ما يتخيل لهم من عوالم الكتابة بصرف النظر عن قناعتهم وقناعتنا بتسميات أعمالهم إن كان ينطبق عليها المفهوم أدبيا أو نقديا، لكن الخطوة الكبرى التي أراها في القراءة والكتابة، تنفي بل وتلغي ما كان يردد أن الجيل الجديد لا يقرأ، لتبقى مشكلة قائمة لمن لا يتجاوز وجهة نظره السابقة، ويكتفي باطلاق الأحكام العامة والمسبقة.
أخيرا.. أبارك للأصدقاء والزملاء الكتاب إصداراتهم الجديدة، لاسيما الكتاب الشباب الذين باتوا اليوم أمام تحدي الماضي بكتابه والحاضر بقرائه والمستقبل بإبداعاته.
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.