في زحمة الضخ الإعلامي الذي يعاني منه العالم اليوم والذي يتمركز في القبضة الأمريكية المهيمنة وبأقلام مزوريها وتصريحاتهم الباطلة، لا نعدم أصواتا يدفعها الواجب الإنساني والضمير الحي إلى الإدلاء بشهادات عدل عبر صحف ودوريات غربية منتصرة للحقيقة التي لا بد من جلا
أنت هنا
قراءة كتاب شهود من أهلها
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
وعلى الرغم من أن عبارة أوباما تتسم بهدوء النبرة وبنزولها درجة عن سماء الله إلى سماء المسيح، فإنها تشي بان الآتي أعظم. فهذا الرجل يقرر ويحسم بالقطع أن ما سيقوم به لن يقاس على محك العمل الصالح والعمل الطالح، فالمسيح من أجله مات؛ فداه وخلصه من تلك الصفة البشرية المتمثلة بحتمية ارتكاب الإثم والخطيئة، ورفعه درجة ليكون في مصاف الملائكة أو الآلهة. وتلكما مقولتان لو قال كلتيهما أو واحدة منهما زعيم عربي لاتهموه بالكفر والاستبداد والتأله والإرهاب. ولكنهما من فم رئيسين أمريكيين تخرجان ساخنتين لتتلقفهما وسائل الإعلام وتجملهما على سياق المثل العربي القائل: من يجرؤ على أن يقول للأسد: فمك نتن؟
و لنا أن نسأل الآن : أي الفريقين أصدق، ذلك الرقيب الرافض للعودة إلى الحرب في العراق، وهو لسان حال عشرات الآلاف ممن لا يرون مسوغا واحدا لنشوبها أم رئيسا الولايات المتحدة المتعاقبان على حروب بدأ الشعب الأمريكي خاصة، والعالم عموما يدرك لا جدواها ويدرك أيضا أن غزوهما لأفغانستان والعراق ودعمهما لإسرائيل في عدوانها على غزة وإصرارهما على الإيغال في تدمير العالم هو بداية النهاية الحتمية لعالم القطب الواحد، ولأمريكا نفسها، وبالتالي مدللتها إسرائيل. وهذا ما يتوصل إليه الكاتب الإسرائيلي جلعاد عتزمون إذ يرى أن النهاية أمر مقضي وما هي إلا مسألة وقت.
قال الرئيسان بوش واوباما عبر خطاباتهما كلها منذ التهيئة للعدوان على أفغانستان والعراق وحتى يومنا هذا إنما جاءت جيوشهما لتمنح الشعبين حرية افتقداها لعقود، ولتضع حدا لشرور الإرهاب. ولكن ما غاب عن الرئيسين هو حقيقة أن المجاهر بالحرية والمستهين في الوقت نفسه بالتمرد على الظلم هو كمن يريد مطرا دون برق ورعد.
ونسي الرئيسان أن الشعوب البريئة، في حرب الخير المزعومة على الشر، بهذه الطريقة الأمريكية- الإسرائيلية، دائما هي التي تموت برصاص المرتزقة المجندين، ولا تموت الرؤوس التي يزعمون أنهم جاؤوا لاجتثاثها، بل هم يخلقون شرورا من نوع آخر يفوق الشر الذي يزعمون أنهم داهموا الشعوب وأوطانها للقضاء عليه.
ما فعله الرقيب كاميلو ميخيا هو حقيقة واقعة تلبست بلبوس المعجزة، والمعجزة يمكن أن تصدّق بطرح دليل واحد، وقد طرح الرقيب دليله، ولكن ما زعمه الرئيسان هو صورة من صور المعجزات التي البساها لبوس الحقيقة الواقعة وبالتالي فإن المنطق يحتم عليهما إثبات الحقيقة ببرهان ، وهو أمر فشلا فيه فشلا ذريعا.
***
أعتقد أن ما تقدم من وصف مبتسر لمعادلة قداسة- شناعة الحرب على أفغانستان والعراق وغزة يكفي ليكون مفتاحا إلى مقالات هذا الكتاب، المنتخبة من كتّاب وأكاديميين أمريكان وغربيين وإسرائيليين ورؤساء دول أدلوا جميعا بدلائهم في خضم هذه الفوضى التي نعتها منظرو الحروب الأمريكية بالخلاّقة لكنها على أرض الواقع تكاد تودي بعالم اليوم، ولذلك فإن دلاءهم خرجت بما لا تشتهي السفن الأمريكية ومحركتها المدللة إسرائيل.
إنها مقالات، تأخذ بالتحليل والوثيقة والرؤية الراشدة ما حدث ويحدث، وتستشرف الآتي الضبابي، وتكشف السيناريوهات الخفية، والعقلية التي تنفذها لصالح عالم الشركات والرأسمالية التي تبلغ ذروتها بشن الحروب الغاشمة والاحتلال والتوسع. وهي مقالات في أغلبها محجوبة عن الشعب الأمريكي بأمر حكومي، لأنها تقف بالضد من القصف الإعلامي الأمريكي المروج لقدسية حروب القرن الواحد والعشرين، كاشفة بشاعتها القائمة على العنجهية وضيق الأفق.
لقد كتبت هذه المقالات ونشرت جميعا خلال النصف الثاني من العام 2009، وكانت مأخوذة من مصادرهم، التي من أبرزها مجلة النيويوركر وصحيفة النيويورك تايمز وصحيفة هَفينغتون بوست وموقع انفورميشن كليرنغ هاوز، وهذا الأخير يديره توم فيلي Tom Feeley الناشر الأمريكي لموقع انفورميشن كليرنغ هاوز، الذي تعهد على نفسه منذ سنوات فضح المخططات الأمريكية الرامية إلى غزو الشرق الأوسط ونشر مقالات ودراسات تحرص وسائل الإعلام الرسمية الأمريكية على حجبها عن الشعب الأمريكي. وقد تلقى وما يزال تهديدات متواصلة بالقتل، كما فشلت أكثر من عملية للـ(اف. بي. آي) في تصفيته، مدفوعة من جناح اليمين الذي تتهدد مصالحه ووجوده بحقائق ومتضمنات هذا الموقع.
إنها مقالات- شهادات كتبها شهود راشدون من مفكرين وفلاسفة غربيين ويهود منصفين همهم إعلاء صوت الحقيقة والانتصار لها.