كتاب "ثغرات" للكاتب اسماعيل الناشف، الصادر عن دار "راية للنشر" في حيفا، هو تجميع أعمال قصصية كتبها المؤلف في التسعينيات وتقدّمها الدار للقرّاء عملاً جديدًا متكاملاً لأحد أكثر الأسماء إشكاليةً على الصعيد الأدبي والأكاديمي في فلسطين، إسماعيل ناشف ابن النكسة م
أنت هنا
قراءة كتاب ثغرات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
دون أن يحطّ قدميه في مكان ما. كأنّ المحطّات تقتل من شدّة الركود. ركدت في محطّة الأمس. لأعيش اليوم. وما اليوم سوى محطّة خاوية من أحداث لتستقبل الغد. أتى الغد ليكون ثالثة فارغة، مُعدّةً لهبوط غده. غدت الغادة إلى غدي، وما زلت أتربّع في عرش الأمس المحروق سوادًا. قلقة كموج متراتب لا يلبث يحطّ حتّى يأتي من جديد، لعلّ البشرى تركبه. ما هي إلاّ فقاعات ترغي. ما بشرى البشر إلا بشرة اختلفت ألوانها عند مطلع شمس الغروب القمريّة.
- أراكِ تمرّين بالموج ولا تركبينه، تأكلين الحلوى لتبصقيها قبل هبوط السكّر في المذاق.
- أراكَ كالفريسة تهبط في المخالب للتمتّع باكتشاف طريقة القتل.
- أراكِ، أو لا أراكِ، كنغمة احتارت بين الوتر والأنامل فركبت الأثير، بعد أن نسيت أنّها عريانة.
- أراكَ، بكل وضوح، كوردة امتصّوا رحيقها في مزهريّة من الحديد الصدئ.
- أراكِ أَرائِكَ بهت لونُها من كثرة الاستعمال المضطرب.
- أراكَ دودة...
- كلاّ... كلاّ... صاح مقاطعًا إيّاها كأنّها رشّت ملحًا على جرح يأبى إلاّ أن يبقى مفتوحًا للملح من البحر الميّت. انتفض. ارتجف. ازرقّ. اصفرّ. مات. قام من الموت. ليموت ثانية، لونًا. لم يَقْوَ على التفوّه. صرخ بأعلى صوته، ليعود صدى أذنيه. أشلاء صُوَر تعود إليه من ماضٍ بعيد أو قريب بعد القرب. قرب البعد. قبر عبد، الماضي. انهارَ وقرفص عند حذاءيها، يلتمس الحنان. بكت. الأحذية. حذت حذو الإنسان. بكت بغزارة، فغطّى رأسه بكلتا يديه لئلاّ يبتلّ شعره.
- كلاّ... كلاّ لست بدودة. أتفهمين؟ قال كأنّه ينتقم لدهور من القهر.