أنت هنا

قراءة كتاب قبل أن تنام الملكة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قبل أن تنام الملكة

قبل أن تنام الملكة

في رواية "قبل أن تنام الملكة" ترسم الكاتبة الفلسطينية الأصل؛ حزامة حبايب صفحات شائكة وشائقة، مشغولة بالألم، مترنّحة بالخسارة، لامرأة تسعى إلى استنطاق الحبّ ومقاربة الحياة ضمن الحدّ الأدنى من الهزيمة، الشخصية والعامة، واستجلاء المعنى المجرد من "مجاز" الوجود،

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
·· في مآل المال
 
بلغني أيّتها الملكة السعيدة، ذات الآراء غير الرشيدة تماماً والأحلام غير الحميدة مطلقاً··
 
(1)
 
أنكِ كنتِ لاوية فمك بتبرّم طوال الطريق من البيت إلى المطار لكثرة حكيي غير المفيد عن الفلوس وآليات توفيرها وتوقيرها والضنّ بها قبل إنفاقها وهدرها وسبل حمايتها وعدم استعراضها والتفريط بها، كما تقتضي الحكمة المتأتّاة من الجني الشحيح·
 
اعلمي يا مليكتي أنني أنحدر من عائلة عرفت القلّة أكثر مما عرفت الكثرة، وإن كانت ثمة كثرة على الدوام في الهمّ والهموم، علاوة على سوء التقدير وسوء التدبير، دون أن يعني ذلك إعراض الحياة الطيبة عنّا تماماً· لقد عِشنا لاجئين وافدين في الكويت، وكانت الفلوس تتسرّب منا بسرعة تفوق، بما لا يُقارن، وتيرة مجيئها إلينا· لكننا كنا نحمد الله لأننا ننفق أكثر من مدخولنا دون أن ننفضح، ودون أن تتكشّف مؤخراتنا للعالمين، كما كانت أمي تردّد· وإذا ما سألنا أحدهم عن حالنا نقول بآلية: مستورة، فإذا ما تمرّدنا على الستر، بوصفه خضوعاً لقدر لم نرده، تعيد أمي على مسامعنا المقولات الاستسلامية إياها·· احمدوا الله على ما أنتم فيه من نعمة، غيركم محروم من اللقمة، أو ما نرميه في الزبالة من طعام يكفي لإطعام ستّ وخمسين عائلة! ولا نعرف لماذا تختار أمي رقم 56 تحديداً، بدلاً من اعتماد رقم دائري أسلس في التداول، مثل خمسين أو ستين· واحدة من شقيقاتي الكثيرات تسألها مناكفة، كيف قسّمت زبالتنا على ستّ وخمسين عائلة وكيف حسبتْها بدقة! تلتقط أمي إشارة السخرية الكامنة في السؤال، فتلطش شقيقتي بطشت الغسيل الفارغ الذي تحمله بيديها بعد نشر وجبة غسيل في البلكونة، أو قد ترميها بفردة شبشب أو حذاء أو بأي غرض منزلي في متناول يديها، لكن شقيقتي، كغالب المرّات، تتفادى القذيفة المتوقّعة·
 
لكننا قد نمضي أكثر في طريق التمرّد والغرور والتكبّر على نعم الله الكثيرة علينا، التي من بينها شهيّتنا المفتوحة على الدوام على الحياة والطعام، حتى إن أمّي كانت تنغز خواصرنا بكوعها إذا كبّرنا اللقمة أكثر من اللازم أو مضغنا عدّة لقم متتالية بتسارع لكي يتأتّى لنا أن ننهب أكبر قدر من الأكل في أقل وقت ممكن، أو إذا استفردنا بصحن البيض واللحم المفروم على العشاء وعزفنا عن الأطباق الأخرى المستورة والمكررة من زيت وزعتر وزيتون وبندورة مقطّعة على هيئة أهلّة، وأقراص خيار ذابلة لم يتسنّ استخدامها في طبق سلطة في أوانها واكتُشفتْ صدفة في أحد أدراج الثلاّجة·

الصفحات