أنت هنا

قراءة كتاب ملوك الرمال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ملوك الرمال

ملوك الرمال

"ملوك الرمال" تتناول هذه الرواية مواجهة بين عناصر لا عسكرية من جيش نظامي (الجيش العراقي) ومجموعة من بدو الصحراء تشكك الدولة في ولائهم لها، الراوي هو أحد أفراد الجيش النظامي، وهو الناجي الوحيد من مجموعته، ويسجل أحداث تلك المغامرة على لسانه.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
-4-
 
منذ أعوام طويلة كنت التقيت بالبدو كثيراً، من المرصنة في الشمال حتى بادية السماوة في الجنوب···وكان عدم اكتراثهم الساحر هو الذي أبعدني عنهم·
 
لماذا أفك شفرات أرستقراطييِّ الصحراء هؤلاء؟
 
هذا الشعب الكسول الذي ينام بين إبر الشيح والقيصوم الذي لا ينبت سواه في الرمال، كان فزعهم- ولا أوضح منه- يعيد الأمور علينا مقلوبة، دون ابتسام يقرءون ويفكون رموز العالم الذي يحيط بهم ثم يهبطون ليلاً في الوديان، يهبطون مثل آلهة قديمة بحركاتهم الرشيقة والبطولية معاً ويتلاشون في الظلام·
 
أما أنا، فلم تكن الصحراء نسبة لي سوى هذه الأفعى الصديقة التي تفرُّ، والطيور السائحة التي تتوهج في الفضاء، والإبل العالية التي تحيي وهي تختال بسنامها وجه الشيخ الذي سيصبح في المساء ناسكاً، والماعز التي أربكتها أصوات جنازير الدبابات، وأردية النساء المشتهيات بلون الثرى، وأسلحة الجنود الذاهبين إلى لقاء موت أكيد·
 
كانت طائرة الهليكوبتر قد انحدرت شيئاً فشيئاً لتصل مدينة السماوة حيث يقع مقر استخبارات الجنوب، وفي المنحدر كنت أرقب من النافذة السميكة للطائرة نهر الفرات وهو ينحدر بلونه الأمغر نحو البحر، وهنالك آلاف القطعات العسكرية التي تعبر الجسور، ومن بعيد···وقبل أن تحط الطائرة بنا، كنت أشعر بصلوات النساء عبر النهر تحيي السنابل التي أحنتها غارات العصافير، ومن بعيد كانت بقايا خيام البدو وعنابرهم فارغة وبيضاء مثل عيون الضرير· وفي المدى الممتد كنت أرى أشهر الآثار القديمة منذ عهد الساميين وقد غرقت في الرمال حتى النصف، وعند كل درب سفته الرمال هنالك بضعة جنود سيضلون طريقهم ولا يعودون، هناك حيث ستحرق نساؤهم، عند أعمدة تيجان الحضارات القديمة المتفحمة، ملابسَهم وصورهم لعلهم يعودون·
 
 منذ آلاف السنين وهذه الشعائر لم تكنس من التاريخ جيداً، كما لو كانت هذه الصحراء هي البشرى الأبدية لمهبط الوحي، والتي طردت إبليس وكتائبه الشيطانية ذات البشرة الغبراء، أما أنا وفي الساعة التي يبرز فيها الفجر فأسمع نفير الأبواق الحربية المصنوعة من النحاس، وأرى النجوم البيض وهي تعلن نهاية الليل، بينما يضيء حطب الخيام يدي التي أضمها على هذا الغسق البارد والجاف·

الصفحات