«البكاء المفرح» الكاتب وهو عبارة عن كتابة السيرة من خلال أماكن وشخوص تقاطعت مع تجربة الكاتب، ليشكل نصاً حول علاقات وأزمنة متشابكة، مشكلاً من خلالها دائرة الحياة التي عاش أو يحب أن يعيش.
أنت هنا
قراءة كتاب البكاء المفرح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
صباحا
تُخيم رائحة القهوة، أشمّها وأنا مخدّر، أصحو لأن لا صباح يدعوني في بيروت سوى رائحة القهوة عبر الهواء، وتحت الماء البارد، أستعيد وعي في البال· ينتفض جسدي، معلنا هو الآخر، عن نفسه·
القهوة خارج البيت لها طعم ومذاق آخر، لعلها تُطبخ بإحساس الجميع، بما في ذلك المارة في الشارع، أمشي في شوارع بيروت، قاصداً المقهى والضجيج· إيقاع الشارع يسكن فيّ· أشعر أن كلّ شيء يشبهني هنا في بيروت، بخاصة الجمادات الساكنات لها ذات الروح التي تركتها في حياة أخرى ·· وإلا أيّ تفسير يمكن غير ذلك؟
بيروت تغير ملابسها· تستبدل النوم بالنهار· تزيح الستائر عن الشرفات، تدعو الشمس إلى فنجان قهوة مغلي على نار المحبة، لا نار إلاكتواء· أستعيد وعيي الذي تركته مساء في الحانات، وبين الأصدقاء، وفي العناوين الرئيسية لآخر الأخبار·
لا أعرف ماذا أسمي نفسي في بيروت· وأي صفة أحملها حين أدخلها· حين يحدثني أحد: هل زرت المكان الفلاني؟ إنه يضج بالسيّاح· أرفض صفة السائح، ولا أُحب إلاّ التجول في شوارع بيروت، في (الحمرا)· كل شيء أريده هنا في هذه المساحة المتفق عليها· صرت أعرف الشوارع وأين اذهب ومن التقي· صار لي كتب في بيروت·
أستعيد وعيي، أُلَمْلِم الحروف كلمات، هذه يعني صـبـاح الخير وهذا أنـ هـارك سعـيد ، وهذا يعني كـانت بـيوت صـارت بـيرو ت، مدينة ممتلئة كامرأة نضجت للتو أمام عينيك، وغداً ستراها بالإحساس والإيقاع نفسه·
يجلس الجميع لحل الكلمات المتقاطعة تصعب الأشياء لتحلّ في آخر مربع، يكون الحرف هو الحل حرف بيروت، تاء التأنيث، المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه (أبن عربي)، وأنا أحبّ أبن عربي وأصدّقه·