أنت هنا

قراءة كتاب الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

كتاب "الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة"، يتضمن الكتاب أربعة فصول: مجتمع الاستعراض (وهو كتاب ألَفه الكاتب الفرنسي غي ديبور)، ويتحدث هذا الفصل عن أوهام مجتمع الوفرة الذي تدعي الرأسمالية تأمينه للناس، في الوقت الذي تؤسس فيه لمجتمع الاستعراض القائم على الوهم و

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
تمهيد 
 
يتعرض العالم إلى مجموعة كبيرة من الكوارث: حروب، مجاعات، توترات إثنية وعنصرية وإقليمية وعشائرية وقبلية ودينية، تدمير للطبيعة وموارد الكوكب، اتفاقيات تقنن هذا الخراب، أنانية وفردانية استعراضية، توتر يرافق كل مشاهد الحياة، استهلاك مجنون لاواعي لسلع لا نحتاجها، استلاب لعمل غير مرغوب، تهميش لفئات واسعة من الناس، تساؤلات عديدة مما هو أخلاقي وغير أخلاقي، صراعات وجدل حول الديمقراطية وأخرى حول الحرية، تخدير منقطع النظير للمراكز الحسية للتعاسة والضيق عند البشر في محاولات لتجنب الثورات الإجتماعية، أزمات اقتصادية توصف بأنها مالية لتحتكر شكل الاقتصاد في قالب واحد الرأسمالي،تحويل ممنهج لكل مظاهر الحياة إلى سلع تروج وتباع وتشترى، صالات كبيرة من القمار والنصب والإحتيال تودي بـأحلام الطامحين أن يصبحوا يوماً أثرياء، طموحات لناس بسطاء عاديين لا تنتهي قبل نهايتهم، دروس في البرمجة العصبية تعلم الناس السيطرة على الذات مهما كان الموضوع!، مراكز تصنع وتنتج وأطراف تعيش لتكون أسواقاً وتستهلك، مراكز تحتفظ بالعلوم وتبني علوماً وهمية لغايات التصدير للأطراف، دوائر من الشحن والتفريغ يعيشها الناس دون أدنى فرصة لرفع الرأس عن الدوامة قليلاً، محاولات النظام لإعادة إنتاج الصيغة بمشاهد لا تنتهي·
 
تختلط الحوارات وتتفرع في البحث عن أسباب هذه المشكلات، من السياسي البسيط غير المرتكز إلى رؤى نظرية متينة، مما يحرفة يميناً هنا ويساراً هناك، إلى نظري طوباوي حالم عاجز عن مقاربة الواقع، إلى الديني إلى الأسطوري إلى القدري،·······إلخ· 
 
لقد واصلت الرأسمالية توسعها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي إلى الحد الذي طمست معه إلى حد كبير جدوى الحديث عن حالات خاصة، لقد ابتدأت معركتها كونياً ولا بد لها أن تحسمها منتصرة أو خاسرة كونياً كذلك، لقد خلقت هي بالأساس أشكال الكوارث كلها على إختلاف شكلها واستعراضها بعيداً عنها، وتظهر المشكلات وكأنها ليست ذات علاقة بالاقتصاد وبالرأسمالية تحديداً، تظهر وكأنها مشاكل تحل بحملات توعية وحوار هادئ ومزيد من الاتفاقيات الدولية والتنمية من الخارج!
 
 إن النظرة الراديكالية Radical للحلول تتمثل في العودة إلى الأصل Root Cause، ومهمتها اليوم الكشف عن كل مشاهد الحياة الكارثية والتي تمثل العديد منها استعراضياً بعيداً عن الرأسمالية بصفتها المسبب الأساسي·
 
لقد تمكنت الرأسمالية من جعل العالم قرية صغيرة كما طمحت، ولكنها خلقت قرية واحتلتها بأكملها بجيش متعدد الجنسيات، وجنود متعددو اللغات، ومراكز متعددة العملات، وفي سياق ذلك خلقت جموعاً مقهورة متعددة اللغات والجنسيات كذلك، ولكنها موحدة المصلحة والهم دون أن تتوحد بعد·
 
في هذا العمل محاولة لمقاربة هذه الأنماط الاجتماعية ومجمل الكوارث العالمية مع المنظومة الرأسمالية كمسبب أساسي لها وإن غابت للحظة العلاقة بينها في الوعي الجمعي، وتأتي أهمية هذه المقاربة في الحاجة إلى تأجيج الاضطرابات في كل أركان العالم في سياق القضاء نهائياً وإلى الأبد على هذا النظام، والنظر إلى عالم جديد مختلف تحكمه وسائل وعناصر أخرى تبني نظاماً جديداً ينتج معه بشكل تلقائي في كثير من الأحيان ثقافته الخاصة، لتحل الجماعية بديلاً عن الفردانية، والتكامل والتضامن بديلاً عن المنافسة ووهم التطور من خلالها، والسعادة البشرية المعاشة بديلاً عن سعادة تملك السلع·
 
بات من المهم اليوم، الحديث عن إنتاج الرأسمالية للاستعراض والدعارة والمافيا والاغتراب والاستلاب والحروب والغزو الممنهج للجنوب سياسياً وثقافياً واقتصادياً ومفاهيم مموهة للحرية والديمقراطية، كل هذا في حزمة واحدة، حزمة الرأسمالية العالمية·

الصفحات