قراءة كتاب عقيق مصري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عقيق مصري

عقيق مصري

الديوان الشعري "عقيق مصري" للكاتب والشاعر العراقي شاكر لعيبي؛ الصادر عام 2006 عن الموؤسسة العربية للدراسات والنشر-بيروت؛ نقرأ منه:
امنحيني بعض سعادتك الضاربة في الآفاق
أعطي السيد قواماً لكي يتأكد من سيادته السوداء
على المكان الخالي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
كلمة (1)
 
سعدي يوسف
 
أمنح نفسي الحقَّ صُراحاً في أن أُنطق شاكر لعيبي بمنطق أبي تمّام، حين قدَّره أحدُهم حقَّ قدره·
 
قال أبو تمّام لذلك الرجل:
 
لقد زدتَ أوضاحي امتداداً، ولم أكن
 
بهيماً، ولا أرضى من الأرض مَجْهلا
 
ولكنْ أيادٍ صادفتني جِسامُها
 
أغرَّ، فأوفتْ بي أغرَّ محجَّلا
 
وها نحن أولاء، في هذه الأمسية مع شاكر، نحتفي ونحتفل، نحتفي به شاعراً، ونحتفل معاً، نحن الذين شهدنا خطوَته الأولى، وتتبَّعنا، بقدر من الانتباه متفاوتٍ، مسيرَتَهُ الدائبة، في النصّ الشعريّ، وفي مغامرةِ التجريبِ، شعراً وفكراً·
 
أقول هذا وقد تناءتْ بنا المسافاتُ، وتناثرتْ جُزُرُنا، حتى لم يعدْ ما يجمعُ بيننا ملموساً أو ملتمَساً، نحن الذين انطلقنا يوماً، كالنبتِ الشيطانيِّ، نريد أن نصلَ الأرضَ بالسماء·
 
**
 
قال لي شاكر قبل مساءين: لا أريد أن أقرأ كثيراً·
 
وكان رأيي، ولا يزال، أن يقرأ مستغرِقاً·
 
أنا أزعمُ أن حديثَ الشاعرِ أهمُّ من الحديث عن الشاعر، فالشعر أهمُّ من الحديث عن الشعر·
 
**
 
الشعر هو الأهمُّ بإطلاق· ذلك لأنه المسعى المطلق الجميلُ نحو الحقيقةِ الجوهريّة، نحو الجوهر· ولأن ما سواه، مما خرج عن دائرة الفن، محدودٌ قطعاً، فهو مقيَّدٌ بالذريعةِ والوظيفةِ والضرورة· بل مقيَّدٌ أحياناً بالعبوديّة· ثم إن أداة الشعر، التي تأتي بمادته، هي اللغة، اللغة ذات الأبجدية، أي اللغة غير الممتـنِعَةِ على التداول، وهكذا يغدو الشعر، ضمناً، أمراً مشترَكاً، وهاجساً أوسعَ من الخاصِّ، ربما لأنّ اللغةَ أوسع من الإشارة·
 
**
 
سوف يفقد الشعرُ مسعاه المطلق نحو الجوهر، إنْ تطامَنَ أو تساهلَ إزاء الذريعة والوظيفة والضرورة·
 
آنذاك لن تكون لنا حاجةٌ إليه، أو تطلُّعٌ·
 
ترى ما ضمانة أن يظلَّ الشعر دائباً في مسعاه المطلق نحو الجوهر؟ الحرية، في ما أرى، هي الضمانة·
 
الحرية الإستراتيجية التي تعني المدى المفتوح النبيل للاختيار: الجمَالَ مقابل القبح- التقدّمَ مقابل التخلّف - التقشف مقابل البذخ- اللسان الطليق مقابل اللسان المتأتىء - الأرض الأولى مقابل المستعمِر والطاغية· فإن ارتدَّ العالمُ في فترة من زمانِه إلى القديم، فإن الشاعر الشاعر موكَّلٌ، ذاتياً، بأن يمضي، مُصرّاً، إلى آماله، من أجل الفن أولاً وأخيراً، من أجل كرامة الفنان·
 
**
 
عذراً، يا شاكرُ، إنْ تباعدتُ عنكَ قليلاً·
 
فلأَعدْ إليكَ الآن:
 
أنا أعتبرك، بين مجايليك، الهيَّام حقاً بالتجريب·
 
وأحترمُ فيكَ، القلقَ والارتعاشَ، الضروريين للمضيّ في المحاولة النبيلة المستمرّة، ضرورة الخصال الأولى·
 
قرأتَ كثيراً، واكتسبتَ منابع من اللغات والثقافات والاهتمامات، وغامرتَ طويلاً، من بغداد إلى بيروت إلى عدن البركانية، ثم جلستَ تتأمل في البحيرة السويسرية···
 
وها أنتذا، من جديدٍ، في الامتحانِ والرِفْقةِ، فلتَرْفُقْ بنفسكَ·

الصفحات