خرج الاتحاد السوفياتي منتصراً من الحرب العالمية الثانية وانشغل ببناء ترسانته الحربية عن إصلاح حال اقتصاده الداخلي المنهك جراء الحرب وبهذا فتح الباب امام عدد من الحركات التحررية للظهور ودخل الإتحاد في مرحلة إعادة البناء "البيريسترويكا" التي أدت إلى انهيار ال
أنت هنا
قراءة كتاب ليلى والثلج ولودميلا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
لقد كان، انطلاقا من أحاسيسه الوطنية الملتهبة، على استعداد لأن يقدم، ليس لها وحدها وإنما لجميع الطلبة، كل ما يُطلب منه من خدمات وبشكل مجاني، حتى لو كان ذلك على حساب دراسته ووقته، محاولا بذلك أن يجسد وفاءه وإخلاصه الصادقين لشعار كل شيء يهون في سبيل الوطن والشيوعية
أما لها، وبمضي الأيام، فقد بات على استعداد لأن يقدم ما هو أكبر من الخدمات المجانية: لقد تبناها· كان ذلك هو الإطار الذي طرحت به العلاقة وظهرت للجميع، بما في ذلك لها نفسها· راح رشيد يهتم بكل شؤونها، الكبيرة والصغيرة، يساعدها في الدراسة، ويقلق إذا لم تأكل جيدا ولا يهدأ له بال إلا إذا قادها إلى المطعم ورآها تأكل أمامه· ولطالما استوقفها في الشارع يثبت لها الزر الأعلى من المعطف حتى لا تصاب بالبرد، تماما مثلما يفعل الآباء· أما عندما انقطع التيار الكهربائي ذات مرة في السكن، فقد فوجئت به بعد وقت قياسي يطرق باب غرفتها وهو يحمل الشموع قائلا:
- خشيت أن تبقي في العتمة!
أعطاها الشموع ومضى دون أن يقول كلمة أخرى، كما لو أنه أدى واجبا حزبيا· يومها لم تشعل الشموع وظلت تجلس في العتمة، تتملكها الخيبة·
كانا يمضيان الكثير من الوقت معا، يتحدثان في كل شيء، حتى عن أهم شيء في حياته وأعظمه سرية: همومه الحزبية وملاحظاته النقدية التي من المفترض أن لا يعلنها إلا لرفاقه الذين يعلونه مرتبة في التنظيم· بات يبوح لها بكل ما يؤرقه على الصعيد الخاص والعام· ما عدا أمرًا واحدًا، ظلت تأمل أن يحدّثها به أو حتى يلمح، وكان يأتي ويروح، دون أن يفعل، إلى أن جاء يوم تأكدت فيه أنه يعاملها كرفيق مسئول فعلا، وربما كأب، وفي أحسن الأحوال كأخ ليس إلا!
حدث ذلك عندما احتاجته ذات مرة في يوم سبت وظلت تبحث عنه إلى أن قيل لها، ما جعلها تكف عن البحث عنه إلى الأبد: إنه من العبث البحث عن رشيد في هذه الديار يومي السبت والأحد، فقد وقفهما، منذ زمن، من حياته الحزبية والدراسية ووهبهما دون أن ينقصا ولو دقيقة واحدة لغالينا، صديقته الروسية التي تعيش في أحد أحياء المدينة