المجموعة القصصية "ورقة واحدة لا تكفي" للكاتب الأردني د. باسم إبراهيم الزعبي، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2001، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب ورقة واحدة لا تكفي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

ورقة واحدة لا تكفي
الصفحة رقم: 3
قالت : لنذهب إلى عمّان·
يمشيان في عمّان، شوارع هادئة، خالية من أقدام المشاة، بيوت فخمة تقف في مكانها كسائح أجنبي لا يعرف لغة أو إحساس المارة · الشوارع نفسها التي شهدت اللقاءات، وسمعت الهمسات، وأحست الأقدام المتورمة من المشاوير الطويلة···
يقطف زهرة من سياج أحد البيوت، يقربها من أنفه، لا يجد لها رائحة يتمتم يائسا : حتى الأزهار في عمّان لم تعد لها رائحة · لا يرمي الزهرة، بل يزيّن بها حاوية نفايات قريبة·
-سبحان الله ! حتى الوردة في يدك لم تعد لها رائحة·
-وما ذنبي أنا، هل صادرت أنا رائحتها ؟
-كيف كانت هذه الأزهار تعبق عطرا ذكياً ؟
-لا أدري·· لا أدري· هل تعتقدين أنني فرح لهذه الحالة ؟ هل هو ذنبي أن أجد حالة التداعي والاحتضار أينما حللت ؟ هل ذنبي أن تنكرني الشوارع، ينكرني العالم، تنكرني الحياة ؟
-يا إلهي، كم أنت مطعون باليأس في كل بقعة من روحك !
تنهّد تنهيدة طويلة، أشاح بوجهه عنها، كأنه يريد أن يخفي الحزن الذي ارتسم على وجهه· أضافت : يا إلهي، كم أنت حزين ! آبار الدمع طافحة تحت أجفانك· لماذا لا تبكي، من حقك أن تبكي·
-لا يبكي الإنسان بعين واحدة·
ألقت برأسها على صدره· احتضن رأسها تحت عباءة الليل، بكى، بكت· الدمع الحار يبلل صدره ورأسها · وكان الليل قد تحوّل إلى كائن مرهف الأحاسيس، أنيس في صحراء الأحزان، والمارة تحوّلوا إلى ظلال بعيدة·
1991