المجموعة الشعرية "رسائل إلى مجهولة"؛ الصادرة عام 2001 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للكاتب سهل عبد الكريم، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب رسائل إلى مجهولة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
رسائل إلى مجهولة
الصفحة رقم: 1
سيدتي المجهولة
قبل أن أبدا وقبل أن أحزم حقائبي في السفر إليك أود أن أقطع تذكرة سفر في العبور لعينيك وهي كل حب وهي بألف خير· لا أعرف كيف سأنهي هذه الرحلة·
هل أبدأ السفر من عينيك ومن أي مرفأ سيقلني لبحار هاتين العينين، هل من شاطئ البحر الأبيض المتوسط أم من شاطئ بحر عينيك· أحط رحلي من متاعب هذا الزمن، أم أتأمل لون هاتين العينين· لا أعرف عند أي مدى سأقف·
سيدتي : طال الانتظار وأنا أمام هذا البحر أترقب بزوغك حتى أستقل هذه الحياة أترقبك تأتين بكل ألوان حوريات الجنة كمن ينتظر قوة تقله لعالم المجهول وتسافرمعه لعالم الهوى، تأخذه من قسوةالحياةومن شراسةالأقدار·
سيدتي : لا أعلم إن كانت الأقدار هي التي جمعتناعبر طوافة الأرواح أم هو الهوى الذي لا يزال في قلبينا منذ أن كانت الدنيا كدخان وكان الله في عليائه، أم اشتياق الجسد إلى من يداوي جراحه من أصابع الحرمان والقسوة التي طبعت عليه ولم ترحم شاعريته ولا عاصفته الهوجاء التي أحسستها وأنا قابع هنا بين عذاب الحرف ورغد الكلمة·
غاليتي : لا أعرف ماذا أقول لقد استيقظت هذا الصباح ولا يدور في خلدي إلا أن أجرد نفسي أمامك كمرآة فيها نفسي أرى فيها كبريائي وضعفي وجموحي مع نفسي لكن وجدت نفسي تراودني في أن أكتب أو لا أكتب صكاً من الشوق لهذا القدر الذي ما زال يحاول أن يجردنا من كل ما يعترينا من البكاء الداخلي مع ما نكابده من لهفة وحنين·
حديقتي : أنا لا أجرب فيك زراعة أزهاري ولا أسورك بسياج من العشق والغرام بل أنصبّك بداخلي كحديقة أتظلل تحت أشجارها وأشرب من مائها كمن يحن إلى صدر أمه· لكن أخاف منك كقول الشاعر (أخاف التقمص فيك، أخاف التوحد فيك) لأنك يا حديقتي واحة جميلة لم تكن في يوم من الأيام لي، بل من خلال الروح وهذا لا يمكن أن يشاركني فيه أحد غيري·
عندما سمعت صوتك أول مرة أحسست أن هذا الصوت يعرفني منذ عصور بعيدة، إن هذا الصوت العابق ببحة الطير ليس إلا صدى يتردد في داخلي كمن يحاول أن يتصل بعالم بعيد لكن هيهات ظل الصدى يلازمني حتى أصبح أكسجين أنفاسي·
يا بحة الصوت الجميل : أعذريني إذا كنت تغلغلت وفتحت عليك باباً لا يحق لمثلي أن يفتحه أو تعمقت في داخلك حتى وأنا أكتب هذه الرسالة تخيلتك عندما تقرئينها وأنت تضعين يدك على جسمك·
كم هو حار كبركان يكاد ينفجر من هول ما ألمّ به من مكاشفة مع ما يختزنه من شوق وحنين·
يا أيها الجسد البعيد عن صدري المتعب لا تؤاخذني عما فاضت به زنزانة الصدر فكلماتي ليست إلا آهات معي من طفولتي حتى القبر·
هذه الرسالة شرر من نار الرجاء أن تضميه لصدرك ثم ألقيه في غياهب الزمن كي يستريح من نشوة الصباح·
زنزانة الصدر
صهيل