أنت هنا

قراءة كتاب بير الشوم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بير الشوم

بير الشوم

اتكأت رواية "بير الشوم" للكاتب الفلسطيني فيصل حوراني هذه على الأحداث التي داهمت فلسطين في العام 1948م، إلا أنها أشادت عالمها الخاص بالاعتماد على المخيلة الروائية في المقام الأول، وهكذا رسمت (بير الشوم) صورة نابضة بشتى الألوان والإيقاعات لأشخاص عديدين وعلاقا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
1
 
أقول لكم بصراحة منذ بداية البداية: “سأقص عليكم هذه القصة، بينما سأظل حتى النهاية مجهولاً بالنسبة لكم” وأذكر لكم السبب لكي لا تبحثوا عن أسباب· فالناس الذين أتحدث عنهم كانوا كلهم عزيزين علي، وما زال كثيرون منهم أحياء، وأنا أخجل من أن يعرفني هؤلاء فيلومونني على ما أفعله حين أقدمهم اليوم بالصورة التي كانوا عليها قبل ثلاثين سنة، في حين أنهم تبدلوا وانتهوا إلى مصائر لا توحي بها الأحداث والمواقف التي سأحكي عنها، أو يلومونني على تحويرات اقتضتها طبيعة الرواية أو أخطاء، في الحديث عنهم أو عمن أحبوهم ممن رحلوا، فرضها ضعف الذاكرة·
 
أما الذين تستحوذ عليهم الرغبة في التوثق، فإني سأطمئنهم قدر المستطاع، فأقول لهم عن نفسي شيئاً واحداً فقط، وأرجو ألا يطالبونني بسواه: إن الرغبة ذاتها تستحوذ علي أنا الآخر·
 
ويمكن أن أذكر لهؤلاء، على سبيل المثال، أنني بذلت من الجهد أقصاه لكي أتحرى عن ذلك اليوم الذي ذهبت فيه نجدة القرية إلى “بيت دراس” لمساعدة مجاهديها في ردّ الهجوم الصهيوني حتى أحدده بدقة، وفشلت، ولكني تيقنت من أنه كان يوم جمعة· فالشيخ حسن، وهو أحد أبطال روايتي، كان يتهيأ ليؤم المصلين ظهر ذلك اليوم في المسجد، ورجال القرية لم يكونوا يصلون في المسجد إلا صلاة الجمعة· وهذا ما أكدته ذاكرتي وشهادات الشهود الأحياء· وتأكدت أن يوم الجمعة، الذي بدأت فيه أحداث هذه القصة، قد سبق بما لا يزيد عن أسبوع يوم الخامس عشر من أيار (مايو)1948، الذي أصبح في التاريخ الفلسطيني من الأيام التي لا تنسى·
 
فلأعد إذن إلى نهاية الأسبوع الأول من شهر أيار (مايو) تلك السنة· وكان موسم القيظ قد حل، بعد أن سقطت آخر الجمرات، كما اعتاد الفلاحون أن يقولوا، غير أن الأصباح كانت ما تزال تحمل طراوة الربيع: ندىً وبرودة مستحبين· ولما لم يكن لدى الفلاحين ما يعملونه في الحقول سوى انتظار نضج الزرع، فقد كانوا يستحْلون النوم ويمضون فيه حتى شروق الشمس· والذين اعتادوا أن يؤدوا صلاة الفجر في موعدها كانوا يعودون إلى النوم بعدها، ومثلهم يفعل أولئك الذين يتوجب عليهم أن يسلموا غنمة أو بقرة للراعي الذي ينطلق عادة قبل شروق الشمس·
 
وقد حاول الشيخ حسن أن يعود إلى النوم بعد فراغه من الصلاة، غير أن القلق الذي أمضّه مساء وجعله يمضي ليلة مسهدة هو، ذاته، الذي منعه من النوم بعد الصلاة·

الصفحات