أنت هنا

قراءة كتاب جدارية سيدة العواصم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جدارية سيدة العواصم

جدارية سيدة العواصم

كتاب "جدارية سيدة العواصم" يحكي قصة عمان وهو عبارة عن مقالات ومذكرات في عمان وصدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع وجاء على ثمانون صفحة من القطع المتوسط

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5
في اللويبدة رائحة الياسمين
 
كنت صغيراً عندما قررت وصديقي زيارة اللويبدة ذات صيف, حيث قال صديقي إن كبار عمان يقطنون هنا، كنت أناظر البيوت العتيقة وأسترق السمع لصديقي عندما قال جملته فوجدتني أسرح بمخيلتي وكأني أشاهد كبار عمان وبيوتهم وسياراتهم وحياتهم وحديقتهم، فتكونت لدي صورة عن جبل اللويبدة منذ عشرين عاماً ولم تتغير.
 
جبل اللويبدة حيث كان يسكن الأغنياء وحيث كنت تشاهد البنات الجميلات وشباباً كانوا يمشون ويحملون كتباً ومجلات حيث كانت تباع في الدكاكين هناك، وثمة شاب وحبيبته يلتصقون على جدار لوزميلا، وآخرون يمرحون في حديقة عليها حارس ستيني لطيف، وشاب يافع يصعد درج البلد وبيده مسطرة تشير إلى جامعته.
 
مشينا، وقال صديقي هنا كانت دار كلوب باشا، ذاك الذي طردناه على حين ثورة, وقال إن في اللويبدة عاش وزراء وزعماء وقادة، وقال هناك بيت زيد الرفاعي، وكان الحرس دائماً ما يعطوا آباءنا خبز الجيش، وفي الأفق هناك سكنت أميرة، وهنا زار الحسين رفاقه، ومن هنا مرّ عرار، وهنا تغنى في أفق عمان مؤنس الرزاز.
 
في اللويبدة رائحة الياسمين وبيوت قديمة توزّع الجوري على أسوارها ودار للفنون اشتراها شومان للمبدعين هناك وبلكونة مطلة على السواد الذي ينبعث من فوضى عمان ووسط البلد وعلى رائحة عرق العمال المتعبين.
 
في اللويبدة التقيت وسميح القاسم، وهناك كان قد ألقى ما جاد به من ألق، وغنى لفلسطين، وقال: تقدموا تقدموا, وهناك شاهدت لأول مرة رسمات كان قد أبدعها ناجي العلي قبل أن يموت على ورق صحف اغتالته قبل الممات.
 
في اللويبدة قلب عمان القديمة ومسكن التجّار والسياسيين والمثقفين قبل أن يغادروها إلى عبدون التي تعجّ بالمال وفوضى المولات والكتب التي استبدلوها باللاب توب والبلاك بيري، وللوحات تشكيلية استبدلوها بفن المكائن من صنع الصين.
 
لا زالت اللويبدة ترسم على صباح عمان الألق، وتنثر عبير ياسمينها المعتق في سمائها، وتعج بالأحاسيس التي تولد هناك وتموت حيث ننوي مغادرتها إذ ما نوينا التوقف عن متعة الروح عندما تلتقي بالروحِ وسط غيابها.
 
للويبدة مكانة وسط قلوب أهل عمان وزوّارها وسيّاحها منذ الرفاعي وسليمان النابلسي وحسني فريز إلى يومنا حيث ستبقى قلب عمان وقلب الوطن النابض عشقاً وحباً وثقافة لا تموت.

الصفحات