تقسم الدراسة إلى خمسة فصول وخاتمة ، إختص الفصل الأول ببيان أهمية منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل في السياسة الأمريكية ومصالح الولايات المتحدة في هذه المنطقة ذات الإرتباط المباشر بمصالحها الحيوية في الوطن العربي ، ثم تطور السياسة الأمريكية تجاه السودان ، وذ
أنت هنا
قراءة كتاب الولايات المتحدة الأمريكية والإسلام السياسي في السودان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الولايات المتحدة الأمريكية والإسلام السياسي في السودان
الصفحة رقم: 5
وبعد أن تحقق إستغلال السودان في عام 1956م ، تواصلت السياسة الأمريكية تجاه النظم السياسية التي حكمت البلاد لتعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة ، إذ تنوعت هذه السياسات تبعاً لإخلاف النظم السياسية التي تعاقبت على السودان ، وموقف هذه النظم من معطيات الصراع بين الدولي بين القطبين .
أولاً : مرحلة الديمقراطية الأولى 1956 – 1958م .
على الرغم من موقف الولايات المتحدة من إستغلال السودان الذي حكمته الإعتبارات والنظرة المصلحية كما مرّ علينا ، إلا أن الحكومة الأمريكية آنذاك تعاملت مع حدث إستقلال السودان كحقيقة فرضت نفسها تعاملاً إيجابياً وبسبب المصلحة كذلك ، فبعد إعلان الإستقلال السوداني رسمياً في 1956م ، قامت الحكومة السودانية بخطوات تثبيت الكيان السوداني الجديد ضمن المجتمع الدولي عبر الإنضمام إلى المنظمات الإقليمية والدولية ، فقد تقدم السودان بطلبي إنضمام إلى كل من جامعة الدول العربية وهيأة الأمم المتحدة ، وقد لاقى طلب السودان في مجلس الأمن ترحيباً أمريكياً عبرت عنه كلمة المندوب الأمريكي لدى المنظمة الدولية "... إن السودانيين والأمريكيين شعبان يعشقان السلام" .(3) وكان رئيس مجلس السيادة في السودان قد تلقى برقية تهنئة بمناسبة الإستقلال من الرئيس الأمريكي آيزنهاور أعرب فيها عن الأمل في أن تقوم صلات صداقة بيت حكومة بلاده وحكومة السودان . (4)
ويبدو أن الولايات المتحدة كانت قد أدركت ومنذ وقت مبكر أهمية السودان فإتجهت للتأسيس لعلاقات متينة مع الحكومة السودانية ، وقد تبين ذلك من خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون للسودان عام 1957م وإعلانه في مؤتمر صحفي أن السودان بحاجة للمعونة الإقتصادية ، وتطوير مشارع الري والزراعة ، وأوضح (أن المعونات الإقتصادية التي تقدمها الولايات المتحدة ترمي لمساعدة الدول على تطوير إقتصادها سبيلاً لحماية إستقلالها) وتحدث نيكسون كذلك عن مشروع الرئيس آيزنهاور (النقطة الرابعة) لمساعدة بلدان الشرق الأوسط * ويبدو أن ذلك جاء بسبب التيار السوداني المعارض لتلقي مثل هذه المعونات ، ولا سيما أو وزير خارجية السودان آنذاك مبارك زروق كان قد حدد توجهات حكومة بلاده الخارجية التي قامت على هدى مبادئ مؤتمر باندونغ 1955م في الإستقلالية وعدم الإنحياز .(1) وقد اثارموضوع المعونة الأمريكية للسودان جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية السودانية . (2) فقد حدث شرخ كبير في علاقات الحزبين الكبيرين المؤتلفين في الحكومة ، حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي بسبب قبول الحكومة الإئتلافية برئاسة عبد الله خليل (حزب الأمة) للمعونة الأمريكية على الرغم من معارضة حزب الشعب الديمقراطي لها . وفي غمرة هذا الخلاف نقلت السفارة الأمريكية في القاهرة إلى مثيلتها في الخرطوم نبأ إجتماع وفدين من حزبي الشعب الديمقراطي والوطني الإتحادي في القاهرة برعاية الرئيس جمال عبد الناصر ، للتنسيق مع الحكومة المصرية لأجل إسقاط الحكومة القائمة في السودان ،