المجموعة القصصية "غليون العقيد"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2002، للكاتب البحريني محمد عبد الملك، نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب غليون العقيد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
![غليون العقيد غليون العقيد](https://files.ektab.com/php54/s3fs-public/styles/linked-image/public/book_cover/mu359f.jpg?itok=yf3CQZZL)
غليون العقيد
الصفحة رقم: 2
ــ نعم··
تردّدت، لكنها ستعرف، لا بد وأن تفتح الستارة بعد قليل، هذا هو طبعها، وطبع كل مسافر، يريد أن يعرف ما حوله، وما بجواره، المنظر الخلفي للغرفة··
لم بنوا هذا الفندق هنا؟ كيف اركتبوا هذه الحماقة؟
قلت:
ــ على كل حال·· أنا موافق على المكان الذي يعجبك·
ــ خلاص·· يعجبني هذا الفندق·· أدخل الحمام واطرد عنك كل النوم·
قلت لها:
ــ لا أريد الخروج من الغرفة الليلة·· الظاهر أنني مصاب ببرد، وعلي أن أستريح في الغرفة··
كانت في كامل زينتها ففوجئت بقراري·
ــ هل جئنا إلى هذه المدينة الجميلة للنوم؟
ــ الأيام قادمة··
ــ وهل ينامون في شهر العسل؟
كنت مكتئباً· أصبت بالاكتئاب منذ خمس سنوات· وكان الموت يزورني كل مساء في هيئة صامتة: جسدي ممدد فوق نعش خشبي طويل، وعيني مغمضة، جسدي مغطى بزيت، وهو غامق وعميق، ومجموعة من الرجال يحملونني إلى المقبرة· يغشاني العرق، ويضيق صدري، ويركض الخوف· أصاب بهلع شامل· لا أتحدث· أفحص حبات العرق فوق جبهتي في الشتاء· لم أخبر زوجتي عن الاكتئاب·· ستكتئب هي الأخرى· ضغطت الجرس وأنا أقول لزوجتي:
ــ سنحتفل هذه الليلة في هذه الغرفة الأنيقة الممتلئة بالسجاد وصور النساء الجميلات·
فتحت زوجتي الراديو· وزارتنا الموسيقى هادئة، ناعمة·· وتدفق شعور من الفرح في عينيها· رأيتها تستدير إلي، بفستانها الأسود مكشوف الكتفين، وفي شعرها الفاحم وردة صفراء·
كانت في غاية الجمال· قالت وهي تزيح شعرها فتظهر عيناها النجلاوان بكل طلاوتهما الشهية·
ــ كما تشاء·· كل مكان أنت فيه جنة·
وجاءت وطوقتني· أنعشتني العطور الجديدة الباذخة· قالت:
ــ لن أخلع فستان السهرة··
ــ ليكن·· سأرتدي أنا البدلة·· بدلة الزواج·· ومن يدري·· قد نخرج فجأة آخر الليل ونتجول في المدينة، ولا نعود إلاّ في الصباح· هذه المدينة لا تنام· تسهر وتزدان بالأضواء وتعمّها الحركة· ويرتاد العشاق حدائقها ومقاهيها·· مدينة صاخبة للمتزوجين والعشاق·· والعابثين في الحياة··
وسمعت طرقاً بالباب فقلت:
ــ النادل؟
- فتحت الباب، ودخل النادل وأخرج دفتراً من جيبه:
ــ ماذا تطلبين يا بشرى؟
ــ كأساً من الحليب··
ــ وأنا أريد بيرة مثلجة··