أنت هنا

قراءة كتاب بعيدا عن الذاكرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بعيدا عن الذاكرة

بعيدا عن الذاكرة

المجموعة القصصية "بعيدا عن الذاكرة" للكاتبة أمنية أمين، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
اعتراف
 
أكدت له ثقتي به فليفعل ما يشاء· لم أكن مجبرة على هذا الاعتراف لكن كان لابد أن يسمعني أحد؛ كان لابد من شاهد على الأحداث التى لم تحدث·
كنت أحمل قارورة ماء على رأسي عندما انزلقت هناك بجانب النهر· انكسرت القارورة وتناثرت شظاياها في كل مكان· رأيته بجواري يضحك ويضحك· لا أدري حينها لماذا انتابني شعور جامح بالغضب منه· غير أنه قبل أن ينتهي ذلك الصيف كنت أسكن معه في كوخ صغير يطل على النهر من بعيد· لم يكن حورس قد بَلَغَ عاماً من عمره عندما رحَلَ وتركنا مُتجِهاً نحو الشمس التى سرعان ما ابتلعته· وقبل أن يرحل الشتاء، كنتُ أهوي في قاع النهر· أما حورس فلم أدر من أمرِهِ شيئاً·
كانَ هذا منذُ زمنٍ بعيد، أما الآن فقد اختَلَفَت القصة· لم أعد أحمل قوارير ماء لكنني مثقلة بحملِ أشياءَ لم تحدث·
أسكن بيتاًصغيراً في إحدى ضواحي المدينة وليس ثمة نهر يطل عليه البيت من بعيد، فقط جبال راسيات تحيط به من كل الجهات· التقيتُ بِهِ في حادث سيارة· تهشم الزجاج وتناثرت شظاياه في كل مكان· أخذَ يصيحُ غيظاً، أما أنا فقد انفجرتُ بالضحك· كان هذا منذ عامين· ابني الآن عمره عام وأسميته سالم·
اليوم أنا على موعد ذي أهمية خاصة· في الواحدة تماماً لابد أن أكون بالمدينة في مقهى منزوٍ يرتاده عادةً الأدباء والمثقفون· سوف ألتقي هناك بشخص قد يغير الكثير في مجرى حياتي ليس لأنه سيبوح لي بشيء خطير، لكن لأنه قد ينشر قصتي· نعم كتبتها غير أن أحداً لم يسمعها من قبل· كنت أعيشها وكان لابد لي من وقفة حتى أستجمعها:
قصة بسيطة للغاية تبدأ منذ ولادتي في مدينة كبيرة تزدحم بكثير من الأشياء التى يستحيل العيش دونها· لم تكن هناك سيارات أو بنايات شاهقة، ولم أسكن كوخاً صغيراً بل في معبد يجاور قصراً مثيراً للرهبة· كان الكاهن يأتي كل يوم ويطلق البخور استعداداً للطقوس اليومية· كنتُ أنا جزءاً من هذه الطقوس· علمت فيما بعد أن والدي كان جندياً بسيطاً تزوج من امرأة ريفية· ذهب إلى إحدى الحروب ولم يعد، بعدها اختفت أمي ولا أدري إلى أي عالم انتقلت· أما أنا، فتُرِكتُ على باب المعبد؛ أو ربما وُهِبتُ له·
لا تبدو القصة مثيرة لكن الأحداث بدأت بالتسارع حينما قابلته و كنت قد بلغت السادسة عشرة من عمري· لن أقول إنني عشقتُ أحداً فلقد كان محرماً عليّ الارتباط· بعدها بسنة قادني الكاهن إلى مذبح القرابين المقدس· هناكَ وبسكين كبير، فَصَلَ رأسي عن جسدي· لم أشعر بالألم فقد كان سريع الحركة وكما يقال سرقتني السكين· لم أحبهُ بقدر ما أحبني· أعلم أنه عندما فشلَ في العثور عليّ اتجه نحو الكاهن الذي أكّدَ له استحالة استمرار العلاقة حيث يُحرم أن يكون لفرعون طفل من كاهنة وُهِبت للمعبد· لذلك مات الطفل قبل أن يوشي بالمعبد وبصاحب العلاقة· خضع فرعون لحكم الحكيم بالرغم من أنه حزن عليّ حزناً شديداً وقيل إنه احتفظ برأسي في إحدى الأواني التى لاتزال مدفونة معه في مقبرته· ربما كان ذلك صحيحاً لكن هل هناك معنى لرأس دون جســـد أو لجسد بلا رأس، أو لطفل لم أتمكن من تسميته؟

الصفحات