أصبح السعي وراء الحقوق الإنسانية، التي أقرَّتها الشرائع وسنَّتها القوانين، من سنن الحياة، وهو سعي لا يتكلَّل في كثير من الأحيان بالنجاح، فحق الإنسان في الأمن والسلام تهدده – دائماً – الحروب، وحق البشر في العمل أذهبته حُمَّى البطالة وفقرِ الاقتصاد أدراجَ الر
قراءة كتاب مرافئ الذاكرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
مقدمــــــــــــة
حق الحياة:
أصبح السعي وراء الحقوق الإنسانية، التي أقرَّتها الشرائع وسنَّتها القوانين، من سنن الحياة، وهو سعي لا يتكلَّل في كثير من الأحيان بالنجاح، فحق الإنسان في الأمن والسلام تهدده – دائماً – الحروب، وحق البشر في العمل أذهبته حُمَّى البطالة وفقرِ الاقتصاد أدراجَ الرياح، وحق أجيالنا في التعلم أصبح مهدَّداً بين مطرقة التعليم البائس وسندان التخلف الجائر.
وإذا كانت تلك حالنا مع الحقوق الأساسية، فإن البعض أصبح يضِنُّ علينا، بل وعلى نفسه، بحق الحياة! وهو ما أصبح مأزقاً في ثقافتنا العربية الراهنة، كما يشير إليه المناضل العربي الفلسطيني بهجت أبو غربية؛ مأزق تأجيل الآمال وتعجيل المخاوف، إذ بدلاً من العمل على الخروج من هذه الأزمة، نسرِّب جهودنا في قنوات جانبية لا تفيد. وهو يؤكد في حواره، أن على المناضل المثقف العربي استحقاقات كثيرة، ولذلك فمن المنطقي والإنساني والثقافي ألا نضيف إلى الإفناء الشديد مزيداً يجعل مخاوفنا التاريخية، وظنوننا المتراكمة، وشكوكنا المزمنة، أداة تعطيل وتأجيل لأحلامنا الإنسانية، المؤجلة أصلاً. ومن زمن بعيد، وهذا الذي ابتعد عنه المناضل بهجت أبو غربية طوال الحوار معه، إذ ظلّ باعثاً الأمل، والتأكيد، على أن الحياة تستحق منا أن نناضل من أجلها، مهما تكاثرت المؤامرات والهزائم على أمتنا العربية.
ويأخذ أبو غربية طوال حواره، على العرب، عدم وعيهم حقيقة أن الوطنية والقومية ترتِّبان عليهم - إلى جانب نيل الاستقلال وإنشاء الدولة الوطنية- إقامة الحكم الصالح، ورفع مستوى الجماهير.
وهذا الهدف المزدوج هو في صميمه )هدف أخلاقي(، حيث يرى أن طريق العرب للخروج من الأزمة يمر عبر تنمية القدرة الذاتية العربية، ومضمونها الحضاري، وهو يتطلب تغيراً أساسياً وجذرياً في المجتمعات العربية، على مستوى الفكر والسلوك، فالعرب لن ينجحوا بتقديره في تجميع أسباب التحرر والتقدم، إلا بالاستناد إلى قدرتين أساسيتين مترابطتين هما: العقلانية التي ترتكز إلى الموضوعية والخضوع للنقد، والخلقية التي تقوم على مبدأ أولي هو الاهتمام بالذات. أما وسيلة الإنماء العقلانية الخلقية فهي التربية الصالحة، التي تتعدى المدرسة، ولا تقتصر على مرحلة محددة من مراحل الحياة.