المجموعة القصصية "ماسات رخيصة" الصادرة عن مؤسسة الرحاب للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب ماسات رخيصة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

ماسات رخيصة
الصفحة رقم: 4
ماسات رخيصة 3
بــلوتــوث
كان يعيش أبو محمد وأسرته بسلام مع الأقارب والجيران وكل من له صلة بهم.. أبو محمد الذي عرف عنه أصله الطيب وأخلاقه العالية والسمعة الحسنة بالرغم من بساطة حاله وعيشته التي هي الأقرب للفقر، الا أنه سعى وشقي ليسد كل ما تحتاجه أسرته ولتربية أبنائه التربية الصالحة مما جعله دائما يفخر بنفسه وبأسرته المكونة من (زوجته أم محمد، ومحمد ابن الخمسة عـشر عاماً، وعادل ابن الثلاثة عشر عاماً، أما عبد الله فلم يتجاوز عمره السادسة بعد، ولم يكن له من البنات سوى ابنته الوحيدة شريفة المعلمة بإحدى القرى النائية والبعيدة عن منزلها). حملت شريفة نفس صفات والدها.. ولم تنحنِ أمام ظروفها القاهرة وحملت على عاتقها مسؤولية عائلتها لتكون خير معين لوالدها بظروفه الصعبة.. فكانت القدوة الحسنة التي يحتذى بها وبأخلاقها العالية.. أحبت عملها وأخلصت من أجله.. فكانت تستعد عند بزوغ الفجر بانتظار سيارة النقل الخاص لينقلها إلى المدرسة.. إخلاصها بعملها وتفانيها من أجل أسرتها جعلها محبوبة من جميع الأقارب والجيران ووصل ذلك الحب ليشمل جميع الطالبات والمعلمات داخل المدرسة باستثناء المعلمة ابتسام التي كانت شديدة الغيرة من شريفة فتحسدها عند كل نجاح وتحقد عليها عندما ترى الجميع يقفون مهنئين لها.. فكانت ابتسام تزداد يوما بعد يوم كرها وبغضا لشريفة.. إلى أن جاء أحد الأيام وقررت إدارة المدرسة إقامة حفل تكريمي تسلم فيه جائزتين الأولى للمعلمة المتميزة والثانية للمعلمة المثالية وسيكون اختيار المعلمات ودخولهن الترشيح عن طريق تصويت الطالبات لتنال الجائزة من تستحقها من المعلمات.. ظنت ابتسام بأنها تستحق هذا التكريم ونيل أحدى الجوائز بكل جدارة.. فبدأت حملتها الانتخابية بإقناع الطالبات بالتصويت لمصلحتها وإقناعهن بأنه لا توجد بين المعلمات من هي أكفأ منها لنيل تلك الجائزة.. وبعد مرور اليوم الثالث من التصويت الذي حددته إدارة المدرسة بأسبوع واحد علمت ابتسام بان أغلب الطالبات يمتنعن عن التصويت لها فغضبت غضبا شديداً وما كان منها إلا أن قامت بتهديد الطالبات بالخصم من علاماتهن بالاختبارات إن لم يصوتن لها وسيشمل الخصم جميع الطالبات إن خسرت أحدى الجوائز.. إلى أن جاء اليوم المقرر فيه إقامة الحفل التكريمي فكانت ابتسام بحالة من التوتر والقلق وترقب إعلان النتائج وحان الوقت لإعلان الاسم الأول لنيل جائزة المعلمة المتميزة وكانت من نصيب شريفة، صدمت ابتسام بنتيجة التصويت ولكن أملها لازال بنيل الجائزة الثانية للمعلمة المثالية والتي أعلن عنها ونالتها هي أيضاً شريفة.. فأعمى الحقد والغيض والكره عيني ابتسام التي كانت لا تتمنى أن تنال شريفة أياً من الجائزتين التي كان من المفروض أن تنالها هي فكيف لها أن تتقبل بأن شريفة هي من كانت نجمة الحفل، إحساس ابتسام بالخسارة والقهر جعلها تأخذ هاتفها النقال وتقوم بتصوير شريفة.. وعند وصول ابتسام لمنزلها قامت بإعطاء صور وإسم ورقم شريفة لشقيقها ناصر الشاب المستهتر بقصد إزعاجها وما أن استلم الصور والرقم حتى بدأ بالاتصال بشريفة بأوقات متأخرة من الليل ويطلب منها الاستجابة له ولمطالبه الدنيئة وإن لم تستجب له فسينشـر ما لديه من صورها وسيرفقها بحديث ملفق على لسانها واسمها وعنوانها ورقم هاتفها النقال عبر الانترنت والبلوتوث بالأماكن العامة.. ولكن شريفة أصرت على عدم الاستجابة لتك المطالب.. فكان ناصر يرسل لها مقطع الفيديو المركب ليؤكد لها صدقه على ما نواه.. ولكن إيمان شريفة ببراءتها وابتعادها عن كل ما هو قذر زاد من إصرارها على عدم الاستجابة والخضوع لأي مطلب.. وبعد محاولات ناصر العديدة والمتكررة وكذلك اليائسة، استهان بأعراض الناس وزاد استهتاره عندما أيقن كل اليقين باستحالة الاستجابة من قبل شريفة قرر وبدون تردد نشـر صورها المفبركة وحديثها الملفق وعنوانها واسمها ورقمها عن طريق الانترنت والبلوتوث بجميع الأماكن العامة.. وأصبح الناس يتناقلون تلك المقاطع المفبركة ويصدقونها دون أدنى مسؤولية بتدنيس أعراض الآخرين أو التفكير بما قد يحل بتلك المسكينة إن وصلت تلك المقاطع لأحد من أسرتها وما العواقب التي ستنالها ووالديها وأشقائها..