أنت هنا

قراءة كتاب الأم - الدرع البشري الحنون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأم - الدرع البشري الحنون

الأم - الدرع البشري الحنون

كتاب "الأم الدرع البشري الحنون"، نقرأ من أجوائه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1
يوميات شاب من فلسطين
 
في اليوم الثامن والعشرين من شهر شباط عام ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين ميلادية، رزقت أم أحمد بمولود ذكر بعد ابنتين، كانتا قد سبقتاه إلى الحياة، إلا إنه سبقهما بالتربع على كنية أمه به على عادة العرب، حيث يكنون أنفسهم بأسماء أبنائهم الذكور، إلا ما ندر وشذ عن هذه القاعدة،أما كنية الأب فكانت (أبو عبد الله) اسم ابنه الأكبر من زوجة سابقة.   
كانت الحياة تسير رتيبة عادية هانئة، اعتادها الناس ورضوا باليسير من الطعام والكساء، ينتجون معظم طعامهم بأيديهم، تكفيهم وحيواناتهم على مدار أيام السنة، يزرعون القمح والشعير والذرة والسمسم، فيأكلون مما رزقهم الله منها، ويدخرون ما زاد عن حاجتهم من الحب في (خوابي) كبيرة، لها أشكال جميلة، مصنوعة من الطين، لها فتحات كبيرة من الأعلى لصب الحبوب بها، وفتحات ضيقة من الأسفل لتفريغ الحبوب وقت الحاجة إليها، حيث يطحنون بمقدار حاجتهم أولا بأول.
أما الخضروات فكانت تزرع في (مقاثي)، والمقثاة مساحة صغيرة من الأرض يزرع فيها الفلاحون الخضار مثل البندورة والبامية والكوسا والملوخية وغيرها، كان غالبيتهم لا يبيع ويشتري مثل هذه الحاجات من الخضروات، وإنما كان يتم تبادلها فيما بينهم بالمجان، ومن ليس عنده مقثاة يأخذ ما يحتاج إليه من أقرب مكان إليه، ويتم ذلك بدون مَنًًِ مِن أحد ولا حرج.
أما البساتين والجنائن فكان يزرع بها الأشجار المثمرة كالتين والخوخ والرمان والعنب وغيرها، أما (البيارات) وهي الجنائن ذات المساحات الواسعة فكان يزرع بها أشجار الحمضيات كالبرتقال والليمون وغيرها، وكان غالبا ما يملك هذه البيارات أصحاب رؤوس الأموال من العائلات الكبيرة المشهورة في فلسطين.
عاش أهلنا في فلسطين سنين طويلة هانئين مرتاحي البال لم ينغص حياتهم مدع، ولا يكدر عيشهم دخيل، حتى كان ذلك التآمر البغيض، والتواطؤ الدنيء بين قوى الشر الغاشمة، الحكومة البريطانية من جهة والعصابات الصهيونية من جهة أخرى وكانت حكومة الانتداب البريطاني مكلفة للإشراف على فلسطين حسب اتفاقية (سايكس – بيكو) بين الفرنسيين والبريطانيين بعد هزيمة الدولة العثمانية، لرعاية شؤونها وتنميتها وعمارتها، وليس لاستعمارها بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى بغيض في نفوس غالبية الناس، فقد خانت هذه الدولة الأمانة الموكلة بها، فجعلت من فلسطين لقمة سائغة للعصابات الصهيونية، فأثناء انتدابها على فلسطين سمحت لليهود بالهجرة إلى فلسطين، وأمدتهم بالأسلحة ودربتهم في معسكراتها، وتوجت كل فضائحها هذه بإصدارها وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني عام 1917م، والذي خلاصته: "إن حكومة جلالة الملكة تنظر بعين العطف إلى الأماني الصهيونية بإقامة دولة لهم في فلسطين ...... مع الحفاظ على حقوق الطوائف الأخرى الذين يعيشون في فلسطين ".

الصفحات