قراءة كتاب فتيان الزنك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فتيان الزنك

فتيان الزنك

كتاب " فتيان الزنك " ، تأليف : سفيتلانا أليكسييفيتش ، ترجمة :

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
الصفحة رقم: 9

عمَّ يتحدَّثون حولي؟ وماذا يكتبون؟ عن الواجب الأممي والجيوسياسة، وعن مصالحنا كدولة كبرى وعن الحدود الجنوبية. والناس يصدِّقون ذلك، إنهم يصدِّقون! وتخطب الأمَّهات، اللواتي كنَّ حتى وقت قريب ينتحبن بألم دفين فوق الصناديق الحديدية الصمَّاء، ويخطبن في المدارس والمتاحف العسكرية، ويدعون الفتيان الآخرين "لأداء واجبهم حيال الوطن". وتتابع الرقابة بحرص ألا يُكتب في المقالات عن الحرب أي شيء عن مصرع جنودنا، ويؤكِّدون لنا أن "القوَّات المحدودة العدد" من القوَّات السوفيتية تساعد الشعب الشقيق في بناء الجسور والطرق والمدارس، وتنقل الأسمدة والدقيق إلى القرى، بينما يقوم الأطبَّاء السوفيت بمهمَّة مساعدة النساء الحوامل الأفغانيات إبَّان الولادة. ويحمل الجنود العائدون إلى المدارس الجيتارات لكي ينشدوا عمَّا يجب النحيب حوله.

لقد تحدَّثت طويلاً مع أحدهم، وأردت أن أسمع منه الحديث عن عذاب هذا الخيار – إطلاق أو عدم إطلاق النار على الناس؟ فتبيَّن أن الأمر بالنسبة إليه لا يمثِّل أية دراما. ما هو الجيد؟ وما هو السيِّئ؟ هل هو شيء جيّد أن يقتل "في سبيل الاشتراكية"؟ إن حدود الأخلاق بالنسبة إلى هؤلاء الفتيان محدَّدة بالأمر العسكري. حقاً إنهم يتحدَّثون عن الموت بحذر أكثر منا، وعندئذ تنبجس فوراً المسافة الفاصلة بيننا.

كيف يمكن في آن واحد معايشة التاريخ والكتابة عنه؟ فلا يمكن أن تؤخذ أية قطعة من الحياة، وجميع "القذارة" الوجودية عنوة ووضعها في كتاب، وفي التاريخ. لا بدَّ من "تحطيم الزمن" و"اقتناص الروح".

الصفحات