الحمد لله حمداً يبلغني رضاه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خير من اصطفاه، وعلى اله الطيبين، وصحبه المخلصين الصادقين، وعلى من اتبع هداه الى يوم الدين!
اما بعد:
أنت هنا
قراءة كتاب أصول العقيدة الإسلامية وفروعها لدى علماء السلف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

أصول العقيدة الإسلامية وفروعها لدى علماء السلف
الصفحة رقم: 1
مقدمة
الحمد لله حمداً يبلغني رضاه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خير من اصطفاه، وعلى اله الطيبين، وصحبه المخلصين الصادقين، وعلى من اتبع هداه الى يوم الدين!
اما بعد:
فقد عاشت الامة الاسلامية فترة ليست بالقصيرة من الزمن في ظل العقيدة التي استقتها من القران الكريم وكانت -بلا ريب -عقيدةً صافيةً نقية، لم يدخلها شئ من آراء البشر، اطلق عليها-فيما بعد- اسم (عقيدة السلف). واستمرت هذه العقيدة سائدة في المجتمع الاسلامي كله الى أن دخلت شعوب كثيرة في الاسلام، وكانت تحمل معها الافكار التي اعتنقتها من قبل، وترجمت الفلسفات اليونانية والرومانية والمنطق اليوناني الى اللغة العربية، واقحمت اقحاما في مجتمعنا الاسلامي، عند ذاك بدأ الانحراف عن عقيدة السلف الى عقائد تسلك مسلك الفلسفات الوافدة! ولكن سرعان ما عاد الصفاء والنقاء لها؛ اذ قيَّض الله لتلك العقيدة من يذود عن حياضها، ويدفع عنها، ويتحمل العذاب الاليم من اجلها. وإن ينس الناس شيئا فلن ينسوا ما تحمَّله الامام احمد بن حنبل وغيره من اجل ان تظل عقيدة التوحيد صافية نقية. منذ ذلك التاريخ الى يوم الناس هذا، نرى اهتمام الناس بعقيدة السلف. وهذا-بلا شك- امر طبيعي؛ فإن العقيدة التي ندين الله بها هي عقيدة السلف المتمثلة في عهد الصحابة والتابعين وتابع التابعين؛ لكن الذي حدث أن قسماً من الشباب الغيورين من الحريصين على تنقية العقيدة من الشوائب والاوضار-وبخاصة في اوائل القرن العشرين والى الآن- إندفع اندفاعاً غير سليم في مهاجمة العلماء الذين يخالفونهم الرأي في قسم من مسائل العقيدة، حتى صاروا يفِّسقون هذا ويبدِّعون ذاك، بل تجرأوا أكثر فصاروا يكفرون ناسا في امور لا تستوجب التكفير.
ونحب ان نشير هنا الى انَّا لا نشك في اخلاص هؤلاء من اجل تنقية العقيدة مما المَّ بها، لكن اندفاعهم ذاك تجاوز حده، حتى صاروا يتجاوزون في احاديثهم على علماء اعلام، ويتهمونهم بأتهامات شتى، ربما لوعاشوا في زمنهم لما سلكوا غير مسلكهم.
وقد يعترض بعضهم قائلين: لماذا تغضبون من نقد الرجال؟ الم يكن نقدنا نقدا علمياً؟ فنقول:
ليس هناك بأس من نقد الرجال نقدا علمياً على ان لا يكون فيه تجريح، فإنَّا لا ندَّعي العصمة لاحدٍ من الناس اللهم الا للرسول فيما يبلغه عن ربه، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فليس من الانصاف أن ننقِّب عن اخطاء الناس ونرد عليهم ولا نذكر حسناتهم الكثيرة. فإنا لو سلكنا هذا المسلك لا يسلم لنا عالم واحد من علماء الامة الاسلامية كلها!
وينبغي ان لا تغرب عن بالنا- قبل ذلك وبعده- تلك المؤامرات الدقيقة التي حاكها لنا الاعداء في الليالي الليلاء، قاصدين بث الفرقة والاختلاف فينا وذلك بإثارة القضايا الخلافية، لئلا تجتمع كلمتنا وتتوحد صفوفنا: فقد ذكر (ريتشارد ميتشل) خبير المخابرات الامريكي في تقريره الذي قدمه الى رئيس هيئة الخدمة السرية بالمخابرات المركزية الامريكية أن من خطته التي وضعها لمقاومة الصحوة الاسلامية المعاصرة: تعميق الخلافات المذهبية والفرعية وتضخيمها في اذهان الشباب، فهل من مدَّكر؟!
وأخيرا: فإن هذه الرسالة المتواضعة تميط اللثام عما كان عليه السلف الصالح من الصحابة وغيرهم: فقد إختلفوا في أمور تتعلق بإصول الاعتقاد، ومع ذلك لم يفسِّق او يبدِّع بعضهم بعضا. ومن اراد ان يرى هذه الحقيقة واضحة، فليقرأ ما دبَّجه ائمتنا العظام كابن تيمية وابن قيم الجوزية والحافظ الذهبي وغيرهم؛ لعلّ شبابنا يقتدون بما كان عليه السلف الصالح. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل!