قراءة كتاب الفتاوى الكبرى الجزء التاسع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفتاوى الكبرى الجزء التاسع

الفتاوى الكبرى الجزء التاسع

كتاب "الفتاوى الكبرى" - الجزء التاسع، يضم بأجزاءه الخمسة عشر فتاوى الإمام ابن تيمية في أغلب المسائل الشرعية، حيث يجد فيه المسلم ضالته في الإجابة على كثير من التساؤلات التي تعترضه في أموره الدينية والدنيوية، والتي من خلال هذه الفتاوى يسير على هدي الكتاب والس

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 2
فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَقَضَاءُ شُغْلِهِ أَوْ لَا يَأْخُذُ وَلَا يَقْضِي ، وَرَجُلٌ مَسْمُوعُ الْقَوْلِ عِنْدَ مَخْدُومِهِ إذَا أَعْطَوْهُ شَيْئًا لِلْأَكْلِ أَوْ هَدِيَّةً لِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُهَا ، وَإِنْ رَدَّهَا عَلَى الْمُهْدِي انْكَسَرَ خَاطِرُهُ فَهَلْ يَحِلُّ أَخْذُ هَذِهِ أَمْ لَا ؟ الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ : عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ : " { مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَقِبَلهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا } " وَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ السُّحْتِ فَقَالَ : هُوَ أَنْ تَشْفَعَ لِأَخِيك شَفَاعَةً ، فَيُهْدِي لَك هَدِيَّةً فَتَقْبَلُهَا فَقَالَ لَهُ : أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ هَدِيَّةً فِي بَاطِلٍ ، فَقَالَ : ذَلِكَ كُفْرٌ ، { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } .
 
وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ : أَنَّ مَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِوَلِيِّ أَمْرٍ لِيَفْعَلَ مَعَهُ مَا لَا يَجُوزُ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إلَيْهِ ، وَهَذِهِ مِنْ الرِّشْوَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ : " { لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ } " وَالرِّشْوَةُ تُسَمَّى الْبِرْطِيلَ ، وَالْبِرْطِيلُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْحَجَرُ الْمُسْتَطِيلُ فَاهُ .
 
فَأَمَّا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا عَلَى الْآخِذِ ، وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ : " { إنِّي لَأُعْطِي أَحَدَهُمْ الْعَطِيَّةَ فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَارًا .
 
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ؟
 
 
 
قَالَ : يَأْبَوْنِي إلَّا أَنْ يَسْأَلُونِي وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ } " .
 
وَمِثْلُ ذَلِكَ : إعْطَاءُ مَنْ أُعْتِقَ وَكَتَمَ عِتْقَهُ ، أَوْ أَسَرَّ خَبَرًا ، أَوْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ فَإِعْطَاءُ هَؤُلَاءِ جَائِزٌ لِلْمُعْطِي ، حَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَخْذُهُ .
 
وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فِي الشَّفَاعَةِ ، مِثْلُ : أَنْ يُشْفَعَ لِرَجُلٍ عِنْدَ وَلِيِّ أَمْرٍ لِيَرْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً ، أَوْ يُوَصِّلَ إلَيْهِ حَقَّهُ ، أَوْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً يَسْتَحِقُّهَا ، أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ فِي الْجُنْدِ الْمُقَاتِلَةِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ ، أَوْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْقُرَّاءِ أَوْ النُّسَّاكِ أَوْ غَيْرِهِمْ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَنَحْوُ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ ، أَوْ تَرْكِ مُحَرَّمٍ ، فَهَذِهِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ فِيهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ ، وَيَجُوزُ لِلْمُهْدِي أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ أَوْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ ، هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ .

الصفحات