كتاب "الفتاوى الكبرى" - الجزء الثاني عشر، يضم بأجزاءه الخمسة عشر فتاوى الإمام ابن تيمية في أغلب المسائل الشرعية، حيث يجد فيه المسلم ضالته في الإجابة على كثير من التساؤلات التي تعترضه في أموره الدينية والدنيوية، والتي من خلال هذه الفتاوى يسير على هدي الكتاب
أنت هنا
قراءة كتاب الفتاوى الكبرى الجزء الثاني عشر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
فَإِذَا أَجَازَ عَلَيْهِمَا فَالزَّرْبُولُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِسَيْرٍ يَشُدُّهُ بِهِ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا عَنْهُ أَوْلَى بِالْمَسْحِ عَلَيْهِ مِنْ الْجَوْرَبَيْنِ ، وَمَا لَبِسَهُ مِنْ فَرْوَةٍ أَوْ قُطْنٍ وَغَيْرِهِمَا .
وَثَبَتَ بِشَدِّهِ بِخَيْطٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ مَسَحَ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الثَّبَاتِ بِنَفْسِهِ فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ ، وَإِنَّمَا الْمَنْصُوصُ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَعَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا ثَبَتَ فِي السَّاقِ وَلَمْ يَسْتَرْسِلْ عِنْدَ الْمَشْيِ ، وَلَا يَعْتَبِرُ مُوَالَاةَ الْمَشْيِ فِيهِ ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ ، وَيَجُوزُ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ ، وَهِيَ كَالْقَلَانِسِ ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْكَرَاهَةُ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ السَّلَفِ لِغَيْرِ الْمُحَنَّكَةِ عَلَى الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَالْعَمَائِمُ الْمُكَلَّبَةُ بِالْكِلَابِ تُشْبِهُ الْمُحَنَّكَةَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، فَإِنَّهُ يُمْسِكُهَا كَمَا تَمْسِكُ الْحَنَكُ الْعِمَامَةَ .
وَمَنْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ خَلْعٍ ، وَلُبْسُهُ قَبْلَ إكْمَالِ الطَّهَارَةِ ، كَلُبْسِهِ بَعْدَهَا ، وَكَذَا لُبْسُهَا قَبْلَ كَمَالِهَا .
وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَلَوْ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْخُفَّيْنِ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا مُحْدِثًا جَازَ الْمَسْحُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَوْلٌ مُخَرَّجٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ .
قُلْت : وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمَنْهَجِ
وَلَا تَتَوَقَّتُ مُدَّةُ الْمَسْحِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ ، الَّذِي يَشُقُّ اشْتِغَالُهُ بِالْخَلْعِ ، وَاللُّبْسُ ، كَالْبَرِيدِ الْمُجَهَّزِ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قِصَّةُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، وَهُوَ نَصُّ مَذْهَبِ مَالِكٍ ، وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَرَى التَّوْقِيتَ ، وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَاسِحِ عَلَى الْخُفِّ وَالْعِمَامَةِ بِنَزْعِهِمَا ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَلَا غَسْلُ قَدَمَيْهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ الْمَمْسُوحِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ .
وَإِذَا حَلَّ الْجَبِيرَةَ فَهَلْ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ كَالْخُفِّ ؟ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِالنَّقْضِ ، أَوْ لَا تُنْتَقَضُ كَحَلْقِ الرَّأْسِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْتَقَضَ الطَّهَارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا طَهَارَةٌ أَصْلٌ لِوُجُوبِهَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ ، وَعَدَمِ تَوْقِيتِهَا ، وَأَنَّ الْجَبِيرَةَ بِمَنْزِلَةِ بَاقِي الْبَشَرَةِ ، إلَّا أَنَّ الْفَرْضَ اسْتَتَرَ بِمَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ ، فَانْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَى الْحَائِلِ فِي الطَّهَارَتَيْنِ ، كَمَا يَنْتَقِلُ الْوُضُوءُ إلَى مَنْبَتِ الشَّعْرِ فِي الْوَجْهِ ، وَالرَّأْسِ لِلْمَشَقَّةِ لَا لِلشَّعْرِ ، وَهَذَا قَوِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الطَّهَارَةَ لِشَدِّهَا .