أنت هنا

قراءة كتاب الحلم والتوق إلى الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحلم والتوق إلى الحرية

الحلم والتوق إلى الحرية

كتاب "الحلم والتوق إلى الحرية"، إنها نصوص أدبية / نقدية حالمة توّاقة ، بل هي همسات قارئة تحاول إيقاظ نصوص إبداعية أخرى – راقدة تحت دِثارها اللغوي – من سباتها ، في ضوء قراءة تأويلية متعمقة ، تطمح إلى ترويض دلالات النصوص المقروءة الجامحة ، في براري الحياة الإ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 7

أعود لعمران ثانية

فها هو يعود أدراجه صوب القرية / تتقاذفه الأمواج المتلاطمة تملؤه أحاسيس ومشاعر متباينة يدور معظمها في كيفية تصوير ما رآه، ونقل وقائعه كاملة وافية.
وبينما هو يحث جواده، باتجاه القرية، على الجانب الآخر كان شباب القرية وشيوخها، يضمهم جامع القرية، ومنتداها العتيق. يتدارسون خبر اليوم ويقلّبونه على مختلف وجوهه، بيد أنهم جميعاً يتساءلون : ….
" كيف حدث ؟.. ولماذا.. وأين ؟ " (…..) " بيد أن جميعهم يترقبون بكل جوارحهم الرد المنقذ والأكيد الذي سيتمرد على بصيص نوره، ما يجب أن يحدث، بل سيتحدد على ضوئه مصير القرية.. كل القرية"
كل القرية في حالة استنفار كاملة.
حالة حرب وحرب قصوى، والداخل إليها، يراها في حالة نفير كامل / وبذا يؤكدون فكرة الحرب الشعبية بل ويجسدونها، واقعاً معيشاً.
رجال القرية، وشبابها، يعلنون التعبئة الشاملة، العفوية ولكن الأهالي كل الأهالي، مهيئون للحرب، وللموت أيضاً. ذاهبون للاستشهاد في سبيل قريتهم "وطنهم" لم يتغيب أحد، لم يتذمر أحد لم يكلف أحد بالحضور جميعهم مطالبون، يحركهم دافع واحد، هدف واحد رغبة واحدة/ الوطن / الحرية ولا شئ غير ذلك.
تعالت الهمهمات بين الفرحة لعودته، والمتطلعة، المتلهفة لما يحمله…"
عندما نقل الراعي الخبر إلى القرية، نقله خبراً مجرداً.
وعندما اجتمعت القرية وشيوخها "مجلسها الحربي" قرروا إرسال من يستطلع ويستبين جلية الأمر، ومصداقية الخبر.
اجتمعت القرية، ولم يقرروا عبثاً الحرب، بل درسوا الاستطلاع فها هو عمران يعود إليهم بالخبر اليقين.
ما إن عاد من جولته الاستطلاعية، ودخل القرية، حفا به شبابها وفيما هو يشق طريقه بين الجموع، بعينيه البراقتين، لاحظ أن الجميع، يرتسم على ملامحهم سؤال واحد: هل ما سمعناه اليوم حقاً؟
…"سار الجميع خلفه في خطوات صامتة، ثم توقف أمام الشيخ، هرع الجميع في دائرة محدقة، جاعلين منه لها مركزاً.. ينشدون الخبر، ويستوضحون جلية الأمر …."
ماذا في الأمر يا عمران؟ هذا ما قاله الشيخ، شيخ القرية وإمامها بصوت فيه من الرزانة ورجاحة العقل الشيء الكثير …"
أجابه عمران، وهو يتفحص الجميع.
ما قاله راعي الغنم ظهيرة اليوم عين الصواب، وأكثر من ذلك وماإن أنهى عمران جملته تلك حتى دب الهرج والمرج بالمجلس، ولسان حالهم يقول كلنا مستعدون للحرب، جميعنا متهيئون للقتال وللشهادة وللموت في سبيل الوطن.
مرت لحظات صمت، ظلوا يسترجعون خلالها صورة الراعي، عندما جاء عند الظهيرة، يلهث، يزف ذلك النبأ الجلل إلى القرية، محدثا ضجة، وفزعا عظيمين.
عاد عمران ثانية، نتيجة لإصرار، وإلحاح الجميع، لإيضاح واستجلاء الغموض، وتفصيل ما شاهده لشيخ القرية، والملتقين حوله من وجوه القرية وصناديدها، وكل ما رآه في كلمات مقتضبة.
"هم يا سيدي الشيخ، ذئاب، يزيدون عن المائة جندي" هنا يستفزنا الكاتب إذا ما نحن تحرينا الدقة، وأعرنا للحقيقة والواقع أذنا، وعينا.
فالوقائع والحوليات الإيطالية، والمصادر التي أرّخت لهذه المعركة. فكتاب جرسياني مثلا" حول فزان" يؤكد بأن الجنود الإيطاليين، والأحباش الذين شاركوا في هذه المعركة يربو عددهم على ألف مقاتل ويزيد بضع مئات من الجنود الأحباش، والإرتريين.
لا أدري هنا هل القاص يجنح إلى الخيال دون مراعاة للوقائع التاريخية. إذ أنه يصور الحدث، دون الاهتمام والتأكيد على الأحداث الواقعية بالتحديد والدقة. ونحن هنا عندما نورد الوقائع، لا نأتي بجديد، بل نؤكد، ونضيف بأن الكاتب سواء قصد هذا، أو ذاك فإن العمل القصصي سوف لن يتأثر في تسلسله الدرامي، أو خطه العام.

الصفحات