كتاب "كل شيء ساكن" لمؤلفته الكاتبة ميّ بنات؛ هو عبارة عن مجموعة قصصية متنوعة تأخذنا من خلالها الكاتبة إلى عوالم يبدو فيها كل شيء ساكن، لكن في حيثياتها تشدك إلى ما أعمق من السكون، وكأن رحلة البحث قد بدأت من جديد.
أنت هنا
قراءة كتاب كل شيء ساكن
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
جميلة
تبدو الحجرة صغيرةً جدًا، رغم أنّ أبي رحمه الله - قد أخبرني أنّها كبيرة ! ربما لأنّها مكتظة بأناسٍ كُثر والمزعج أكثر هو أنّني لا أعرفهم جميعًا !! ولكنّهم يقطنون بيتنا الّذي كان كبيرًا ! زاد الازدحام الرّتيب . تمامًا كما تتحلّق الوفود على المكان المنكوب بعد أن يضربه صاروخٌ، أو قذيفةٌ ما، فالجميع تحلّق حول مائدة طال انتظارها...وكان الهجوم على المائدة الصغيرة الجائعة يشبه تمامًا هجومهم علينا مع الفروق الهائلة في النتائج، فنحن لا ننال إلّا القليل، القليل الّذي لا يُسكت حتى صفير بطوننا الجوفاء وهم دائمًا يحصدون الكثير ممّا يرضي غرورهم الجشع يا إلهي كيف يمكنني أن أنسى الجوع، والنعاس، الخوف، والبرد... آه يا جسدي التّعيس لو أنّك ترحمني من طلباتك الّتي لا تنتهي ألا تعرف أنّك تحمل قلب فتاة فلسطينيّة؟؟ لعلّك لا تدري ما معنى أن أكون فتاةً فلسطينيّة في هذه الأعوام المتسابقة !! لا بدّ من طاقة أمل تفتح أمامي دربًا ورديًّا وسط الغابات الشوكيّة، كما كانت تقول معلّمة التّاريخ... لكن أين سأجد
المفتاح؟؟؟
وصل عدد الشهداء إلى 560 شهيدًا، بينما بلغ عدد الجرحى....صوت الأرقام لا يفارقنا أرواحنا أرقام، أجسادنا أرقام، أشلاؤنا أرقام ...طوال عمري أكره الريّاضيات ! ولكنّني الآن تعلّمته رغمًا عنّي ..أشعر بأنّني بتّ أقول كلامًا منظّمًا يؤهلني لحلم المستقبل :
( كانت معكم مراسلتكم من غزة : جميلة محمود) !
آه حلم جميل..ليته يتحقّق ...لكنّني ما زلت صغيرة على هذا عليّ أن أهتم بأمنياتي الصّغيرة، نعم التّحدي السّباق !! منال، هيّا يا منال فلنكمل الجولة الثّانية من السّباق.
- أيّ سباق يا جميلة والقذائف لا تعرف أحدًا؟؟!!
- أو ننتظر القذائف في بيوتنا؟ لا مفرّ من القدر أينما كنّا، إلا إذا كنت تخشين التّحدي !
- لا لا أخشى شيئًا، أنا لست جبانة ! فلنصعد إلى سطح المنزل فبل أن ينتبه لنا أحد.
- هه، من سينتبه لنا وسط هؤلاء !
- يبدو الدّرج طويلاً..
- بل يبدو أنّك ستخسرين أمام جميلة ذات الأرجل الطويلة..ههههه.
- كفاكِ غرورًا، أخيرًا قد وصلنا.
- نبدأ من هذا الحائط إلى ذاك وننطلق بعدما أعدّ إلى الثلاثة.
- جميلة أنا خائفة اسمعي صوت قذائف قريبة منّا.
- دائمًا هي قريبة ولا تصيبنا، قولي أنّك تخشين الهزيمة ! هيا أريد أن أحلّق بقدمي.
- لا، سأفوز أنا وسترين هيّا ابدأي العدّ.
- استعدي، واحد، اثنان، ثلاثة.
السّطح ذاته، مكان السّباق بعينه، ارتعد تزلزل بعد الأرقام الثلاثة ! ليس من حماس جميلة ولا من سرعة جري منال، ولكنّها ألعاب ناريّة، كانت تنتظر الأعداد الثلاثة لتأكل الألعاب النّهمة بعض لحوم البشر كأنّما تأكل بعض الحلوى ! قدما جميلة الطّويلة حلّقتا، لكن بلا عودة .وفوز منال تحقّق، ولكن إلى جنّة الخلد.