تعكس رواية "لهيب خان التجار"، وهي الجزء الثاني من ثلاثية "إلى الغرب من نهر الأردن"، أحداث الانتفاضة الثانية، التي انطلقت مع بداية هذا القرن، أي عام 2000، لتنتهي بوفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
أنت هنا
قراءة كتاب إلى الغرب من نهر الأردن ج 2 / لهيب خان التجار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
إلى الغرب من نهر الأردن ج 2 / لهيب خان التجار
الصفحة رقم: 7
كانت المسافة بين المكان الذي يكمن فيه، ومدخل العمارة تقارب المائة متر... ثبّت العدسة جيداً... نزل الجنود الأربعة، ودخلوا العمارة ليصعدوا درجاتها المائة والخمس والعشرين، في حين بقي السائق وراء المقود... هيّأ نفسه منتظراً خروج المجموعة التي كانت على السطح. يعرف أنّهم يخرجون واحداً بعد الآخر لصغر حجم بوابة العمارة... يجب أن يتركهم يخرجون جميعاً، ثمّ يبدأ بإطلاق النار على الجندي الأخير لكي لا يُلاحظ الباقون، ثمّ ينتقل للذي أمامه... هل يسعفه الوقت لكي يستمر في إطلاق النار قبل أن يصلوا الجيب، ويستديروا وراء سيارتهم؟ وبذلك لا يستطيع عمل شيء؟... يجب أن يسرع في تنفيذ العملية، فلا يملك سوى نصف دقيقة أو حتى أقل قليلاً.
كتم أنفاسه عندما بدأ الجنود في الخروج، وهم يسيرون واحداً تلو الآخر... ارتسمت إشارة الصليب أو الزائد على مؤخّرة رأس الجندي الأخير... المسافة بين الجنود والآلية المصفّحة التي تنتظرهم لا تتجاوز العشرين متراً، ولهذا يجب أن يُسارع في إطلاق النار قبل أن يصلوا... تحسّس الزناد بشاهده ولمسه برفق وكأته يتحسسه ثمّ ضغط عليه، وفي الحال انفجر رأس الجندي، ولكنّه استمرّ في السير عدد من الخطوات، والدّماء تتدفق بغزارة من رأسه، ولولا الثغرة التي فتحها برأسه وجعلت الدماء تنبثق منها بقوة لشكّ في دقّة إصابته... تذكّر عندها قصيدة مشهورة لشاعر فلسطيني حفظها عن ظهر قلب منذ أن كان في الصفوف الابتدائية، ولكنّه لا يتذكر اسمه، تصف سلوك ديك حبش ذبحه اللحام لكي يحتفل به المسيحيون في أعياد الميلاد:
وجرى يصيح مُصفقاً حيناً
فلا بصر يزوغ ولا خطى تتنكب
حتى غلت به ريبة فسألتهم
خان السلاح أم المنية تكذب؟
قالوا حلاوة روحه رقصت به
فأجبتهم ما كل رقص يطرب
طرد الأبيات بسرعة وعاد إلى موضوعه، حمد الله لأنّ الضجيج والموسيقى والنداءات أخفت صوت الرصاصة. وبسرعة وقبل أن يسقط أرضاً حوّل عدسة منظار بندقيته للجندي الذي أمامه، والذي كان في تلك اللحظة يستدير للخلف، حيث يبدو أنّه شعر بحركة غربية، أو ربما صوت الجندي وهو يصيح من الألم، فعاجله برصاصة استقرت في جبينه الأيمن وهو يستدير... في حين كان الجندي الأول قد سقط أرضاً، بعد أن سار ليقعا فوق بعضهما البعض.