كتاب " موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية " ، تأليف د. عبد المنعم الحنفي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية
مقدمة الطبعة الثانية 1999
الحمد لربّنا كلَّ الحمد ، والصلاة والسـلام على نبيّنا معلّم الأمة ، وباعث نهضتها، وواضع سُنّتها ، وهو مثلُنا الأعلى ، وكانت أمتنا المرتجاة - أمة محمد، وأمة لا إله إلا الله، وأمة الإسلام - هى الأمة النموذج ، وكانت كذلك فى عهد الرسول ، إلى أن توفّاه الله ، فاختلفت الأمة، وتباينت الآراء، وظهرت الأطماع ، وانفرقت الأهداف، وعادت الجاهلية ، وأشرأبت الشعوبية ، فكان ما كان من المذاهب والفِرق والجماعات والحركات والأحزاب ، وكلها تدّعى أنها تنشر الإسلام دينًا ، وتطلبه دنيا ، وتدعو لـه دينًا ودولة ، وعقيدةً ونمطَ حياة ، ونهجًا فكريًا وسلوكًا عمليًا . وانعكست أحوال الأمة على هذه الفرق والجماعات والأحزاب ، وكان ظهورها رصـدًا لمدرج الأمة الإسلامية، ارتقاءً أو انتكاسًا ، تقدمًا أو تأخرًا . وبعض هذه الفرق قد يبدو أنه اجتماعى خالص ، إلا أنه على المدى الطويل لابد أن يكون له مردوده السياسى .
واستنفار السلطة لمحاربة الفكر الفِرقى لم يكن فى كل الأحوال دفاعًا أو غيرةً على الدين ، وإنما تكريسًا للمقولة المشهورة : أن الناس فى بلادنا إمّا حاكمون أو محكومون، وكلاهما - الحاكمون والمحكومون - لهم دعاوَى ومزاعم ، والحاكمون يلجأون للعنف، ويحكمون بالجوْر، والمحكومون يواجهون العنف بالعنف وينشدون العدل ، والصدام واقعٌ لا محالة بين الطرفين ! وتاريخ بلاد الإسلام هو تاريخ هذا الصدام الدائم بين السلطة والشعب ، وما كانت هناك أبدًا حكومات تنتخبها الشعوب ، ولا قوانين تنبع من حاجة الشعوب ، أو تترجم عن علاقات سوية بين جماعات الأمة . وما عرفت الشعوب المسلمة يومًا إلا فى خلافتى أبى بكر وعمر، معانى الحرية ، والديمقراطية، والعقلانية، والعدل، والحقّ، والشورى، وهى جميعًا مصطلحات وردت بالقرآن يُأمر بها المؤمنون ! ومن أجل ذلك كان قيام الفرق غالبًا ، وكانت ثورة أفراد بعينهم أحيانًا ، نشدانًا ليوتوبيا إسلامية ، فالإسلام -كغيره من الأديان - لـه رؤاه وطموحاته ومخططاته ، لِجَنّة أرضية .
وقد يعجب القارئ لانحطاط المستوى الفكرى لبعض الفِرَق ، وما كان انحطاطًا أصلاً إلا لتدنّى المستوى الثقافى والاقتصادى للشعوب الإسلامية . وبعض الفرق استغل الدين لمصلحة الدُعاة ، واستغلته السلطة أيضًا لمصلحة الحكّام ، فمثلاً قال الشيعة بالغيبة ، أى غيبة الأئمة ، وبالرجعة ، وبالعصمة ، وادّعوا الألوهية للأئمة ، ليبرّروا استمرارية تسلّط أفراد وأتباع لهم، على جماعات المعتقدين فيهم . وأيضًا نجد أن فقهاء السلطة التزموا تفسيرات للحكّام من شأنها تدجين الإسلام ، واستمرار خضوع المحكومين للحاكمين ، فليس للمؤمن أن يعترض على ولاة الأمر ولو كانوا ظلمة ، وعليه أن يسمع لهم ويطيع طالما قد تولّوا الحكم . وأيضًا نجد أن السلطة لم تكن تزوُد عن بيْضة الإسلام غَيْرةً وعن إيمان حقيقى ، وهذا هشام بن عبد الملك، زعم أن الغيلانية، أتباع غيلان الدمشقى، كَفَرة ، وأن غيلان كافر، لأنه ينفى القدر ويقول بالاختيار، والحقيقة أن غيلان ما قال ذلك إلا بسبب ظلم الأمويين، وبسبب إصرارهم على أن يحكموا دون إرادة شعوبهم ، فقال: إن الإمام يجوز أن يكون قرشيًا أو غير قرشى، فالمهم أن يكون هو الإنسان الصالح للحُكم ، والمناسب له ، فاستعدى السلطة عليه لهذا السبب ، وقتله هشام! وما كان قتلُه من الدين فى شئ ، وما كان فيما يقوله كفرٌ حقيقىّ! والغريب أن الكثيرين ما يزالون يدرّسون فكر غيلان حتى اليوم على أنه فكرٌ فاسد !
والظاهرة الإسلامية اليوم - كما هى على الخريطة السياسية العالمية - لا ينكرها منكر، ولا يجحدها جاحد ، وتجتمع فيها تفاعلات دينية وسياسية وثقافية وحضارية ، فإذا تناولناها من جهة أصحابها، فهو ما نقصد إليه بمصطلح الجماعة الإسلامية ؛ وإذا قصرنا البحث فيها على الأفكار التى يبشّرون بها ، ويروّجون لها ، ويتناولونها بالشرح والتفسير والتأويل ، فهى المذهب ؛ وإذا كانت للظاهرة تحركاتها فى الإطار الإسلامى، فهى ما نقصد إليه من مصطلح الحركة ؛ وإذا كان انصرافنا إليها باعتبار أنها لجماعة لهم زخمهم الفكرى، ومسعاهم السياسى، فهى الحزب على مستوى الدولة .
والجماعات الإسلامية: تتفاوت فى التنظيم ، ولربما تقوم على تخطيط دقيق ، وسبق تدبير، أو يكون قيام الجماعة عفويًا. والجماعات الإسلامية وُجدت فى الماضى وحديثًا. والحركة الإسلامية: مصطلح حديث، وهى الجماعة فى نشاطها الدائب ، وفى مسعاها المستمر، تستهدف به تغيير النظام العلمانى إلى النظام الدينى الإسلامى ، وطبع هذا النظام فى المجتمعات الإسلامية بما عليه طابع الإسلام . وحركة الحزب: أكبر من حركة الجماعة ، وأهداف الحزب أوضح، والأحزاب لها برامجها المعلنة، والأحزاب الإسلامية السياسية لم توجد إلا مؤخّرًا . والحركة قد لا تعلن عن نفسها ، وقد تستبقى أهدافها غامضة ، أو مستترة . والأمر بخلاف ذلك فى التنظيم، ومصطلحه حديث أيضًا، والتنظيمات الإسلامية لها أنساقها من النشاط المستمر والمرتبط بالجماعات . والدارس لهذه التنظيمات يولى عناية لنسق العلاقات التفاعلية داخلها ، والزُمُر التى تتكون منها جماعاتها ، والتزامات أعضائها وواجباتهم ، وأوضاعهم داخل هذه الجماعات وحقوقهم فيها . وفى الفِرْقة: يكون الاهتمام بمعتقداتها الخاصة من داخل الإطار العام للإسلام ، وتتمايز الفرق بما تقول به فى علم الفروع ، وربما يتناول اختلافها أصول العقيدة ؛ وفى تاريخ الفرق الإسلامية يظهر تأثير الثقافات الوافدة والدراسات فى الفلسفة ، ولم توجد الفِرق الإسلامية إلا مؤخرًا.