كتاب " إضاءات نيتشوية - الجزء الأول " ، تأليف د. نديم نجدي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب إضاءات نيتشوية - الجزء الأول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إضاءات نيتشوية - الجزء الأول
مقدمة الطبعة الثانية
خلافا لفحوى شذرات الكتاب لم أغير ما جاء فيه من آراء واستنتاجات عبرت من خلالها عن صدمتي بحقائق وبداهات ليست هي كذلك إذا ما نظرنا إليها من زاوية نيتشه الساخط والساخر من قطعان الجماهير السائرة وراء كراز عقائدي يجرها بهدى غرائزها إلى حيث الطاعة العمياء لمشيئته. حتى إنني لم أشأ تعديل أو بالأحرى تصويب بعض الاستنتاجات التي خلصت إليها منذ ما يقارب العشر سنوات يوم كنت متحمسا للثورة على واقعنا المزري؛ قبل أن يدب في الوهن على شاكلة من تمرحلت أطوار حياته غير إخفاقات وخيبات وسقطات منها تولد الحكمة وبها يتصالح الإنسان مع نقصانه في حياة أقصر من أن تملأ بشغف الحب وغبطة المعرفة. علما أن ثمة وقائع لم تبق على ما كانت عليه بحكم التحول الحاصل في نظرة القارئ إلى واقعة الهجوم الانتحاري على برجي مركز التجاري في 11 أيلول مثلاً، ومن موقفه من تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية التي تسارعت وتيرة تطورها في الآونة الاخيرة إلى حد أنها باتت أمرا واقعاً، لا يقبل نقاش ما قبلها مثلما لا يسمح بالافتراضات الآيلة إلى النظر في الثورة التكنولوجية من باب الرفض لما صار من ضرورات الحياة العصرية. ولأن المفاعيل الناجمة عن هذا التحول الهائل في عصر اتسم بطفرة علمية وتكنولوجية لها تأثيرات دامغة في المستوى المعرفي والقيمي والأخلاقي سعيت إلى التمثل بعقل نيتشه قدر إمكاناتي لقراءة ظواهر ومستجدات تكاد من فرط الإيمان بها أن تؤله على نحو ما تأله في عصور سابقة آلهة ميتافيزيقيون تم اليوم الاستعاضة عن جانب من وظيفتهم لصالح وظيفة آلة الكومبيوتر والانترنت وكل ما أدى إلى استلاب البشر بميتافيزيقيا جديدة اسمها التكنولوجيا. لهذا ربما أصر بعض الفلاسفة على القول بأن الميتافيزيقيا شرّ، لا بد منه فإذا كانت كذلك فلنجعلها من النوع الذي لا يحبط الهمم بل يحفز على ما دعا إليه نيتشه في بناء عالم يليق بإنسانه الأعلى.
والجدير ذكره أن التبدل شأن جدلي لا يقتصر على ذات القارئ فالكاتب هو أيضا عرضة لمتغيرات وذلك نتيجة تأثره بمكتسبات معرفة لن تقف عند حد قول ما إن تلفظ به حتى صار غيره... بعده وكل ما جعله «يتماسف» (من مسافة) مع منطوق ينطق به لحظة كان يعيش ظروفا وعوامل معارف وخبرات تبدلت فتبدل معها الرأي في هذا الموضوع والموقف من تلك المسألة. إلا أن هذا لا يعني أبدا التنكر لما كتبته ولن أتخلى عن التيمة الجامعة في شذرات لفظتها بروح شخص بقي هو هو نفسه ساخط مع شيء من الروية وساخر مع «رشة» مهادنة وقليل من الدبلوماسية؛ رغم علمي بأن هذا شيء غير محبب ولن يلقى ترحيبا من قبل المتحمسين إلى النقد القاسي والسخرية اللاذعة وكل ما من شأنه تسلية القارئ بلعبة الوخز واللطم والركل وشد الأذنين وكل ما يحاكي رغبتنا إلى الانتقام من آباء زرعوا في رؤوسنا قيم عالمهم ومبادئه الذي لا يتناسب مع قيم عالمنا اليوم.
أكثر ما لفتني عند القارء استقباله الجزء الثاني من الشذرات الجديدة التي وضعتها في كتاب تحت عنوان «خفايا ساطعة... بين ما نريده... وما لاإرادة لنا فيه» بحفاوة باردة لما يثير أصلا اسم نيتشه من استفزاز أثار شهية بعضا ممن التبس عليه مضمون الجزء الثاني مع أنه تتمة لما جاء في الجزء الأول مع فارق نرده بدورنا إلى ما يفرضه السياق الزمني من تحولات في ذات الكاتب كما في الموضوعات نفسها. ومن المفيد الإشارة إلى سبب آخر نعزوه إلى التقدم في العمر فلا تؤاخذني إذا ما بردت حماوة الدم في جسد شخص لا يرغب المهادنة لكنه خلص إلى أن الحياة كلها بحلوها ومرها ليست إلا تسويات متتالية. كتبتها في الجزء الثالث مِنْ: «إضاءات نيتشوية».
نديم نجدي