كتاب " الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية " ، تأليف ماريانا خاروداكي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية
1 مقدمة
يتقصّى الكتاب دور الكرد في السياسة الخارجية الأميركية بين الحرب العالمية الثانية وحرب الخليج الثالثة (آذار 2003) وتداعياتها(5). وتتألف المسألة البحثية المركزية قيد التقصي من جزءين: هل كان للكرد تأثير على السياسة الخارجية الأميركية، وهل يوجد شيء اسمه علاقة بين السياسة الخارجية الأميركية والكرد في شكل تفاعل بين دولة ولاعب لا يشكّل دولة؟ إنني أقترح في هذا الخصوص، تفحّص ديناميكيات العلاقة بين السياسة الخارجية الأميركية والكرد من خلال الغوص في عدد من الأحداث بحثاً عن دليل على الطبيعة المتطورة لهذا الرابط.
بدأت أخيراً ومجدداً «القضية الكردية» التي تشمل أجزاء متفرقة كثيرة من كلٍّ مفترَض، إلى جانب المطالب بحقوق اجتماعية – سياسية ومدنية وثقافية وفق القانون الدولي، تشغل الاهتمام العالمي والأكاديمي: إنها عامل أساسي ذو تداعيات واسعة الانتشار بالنسبة إلى كل من التطورات الإقليمية والدولية. ولم يجتذب إلى الآن دور القضية الكردية، كرابط بين الكرد والسياسة الإقليمية والدولية، الاهتمام الأكاديمي المبرر من خلال أهميتها الواقعية، لكن التطورات الأخيرة في العراق، والشأن المستمر لحزب العمال الكردستاني، وعودة القضية الكردية إلى الظهور في سوريا أخيراً، ذكّرت العالم بأهمية الكرد في الشرق الأوسط منذ عشرينيات القرن العشرين.
وقليل من الأدبيات الحالية يعالج الدلالات التجريبية والنظرية لدراسة الحالة هذه؛ والاستثناء الوحيد هو المرجع الذي كتبه لقمان محو باسم The Kurdish Question in US Foreign Policy (2004)(6)، والذي، وفق الكاتب، لا يشكّل أي تحليل معيّن للموضوع بل يستهدف أن يقدّم إلى القارئ المادة اللازمة للتعمّق فيه أكثر فأكثر. ويعني هذا النقص في الاهتمام الأكاديمي، إلى جانب المقاربات السياسية للمسألة والتي لا تزال غير مناسبة، أن دراسة معمقة للرابط بين السياسة الخارجية الأميركية والكرد لا تزال لازمة. وعلى الرغم من أن الدراسات الكردية بدأت تزدهر أخيراً، تتسم الأدبيات الحالية بغياب مقاربة سياسية عابرة للتخصصات يمكن أن تضع الكرد في مركز أي تحليل. يضاف إلى ذلك الاهتمام غير المناسب من قبل المتخصصين في العلاقات الدولية إلى التفاعل بين الدول واللاعبين الذين «لا يشكّلون دولاً» والبارزين «حديثاً»، إلى السبب المفهومي لمعالجة دراسة الحالة المحددة هذه. وكان القسم الرئيسي من المراجع الأكاديمية عن الكرد وقضيتهم (المشار إليها أساساً منذ سبعينيات القرن العشرين)، إما مقتصراً على تحديد اجتماعي – سياسي للكرد وأنثروبولوجيا خاصة بهم، وإما مشيراً إلى القضية من ضمن تحليل لجوانب السياسة الإقليمية والمحلية في الشرق الأوسط.
ويهدف هذا الكتاب إلى تقديم استشراف مختلف للقضية الكردية، مع توجيه اهتمام خاص إلى دور الكرد باعتبارهم لاعباً «لا يشكّل دولة» في علاقاتهم الإقليمية والدولية، خصوصاً على صعيد الرابط مع الولايات المتحدة. وسأتقصى مقدار تأثيرهم في السياسات الإقليمية والدولية، وفي المقابل، المقدار الذي حوّلهم به تفاعلهم مع الولايات المتحدة إلى لاعب مهم تحديداً(7).
والبحث تطبيقي ومفهومي في آن. فمن الجهة التطبيقية، أستخدم مقاربة عابرة للتخصصات من أجل الغوص في الخلفيات التاريخية، وأنماط السلوك والتفاعل لكل من الكرد والولايات المتحدة، في محاولة لشرح هذه الأنماط بشيء من التفصيل أكبر في علاقتها بالسياق الإقليمي والدولي. ومن الناحية النظرية، يعرّف الفصل الثاني كيف يمكن فهم القضية الكردية، ويستطرد في ذلك، ويتفحّص الفصل السابع كيف يمكن لهذا التفاعل الأميركي – الكردي أن يُشرح في سياق تخصص العلاقات الدولية.
وعلى الرغم من غياب دراسات مطوّلة حول الموضوع كما أتصوره، يتعامل تحليلي مع أبرز المساهمات الأكاديمية الأخرى المتعلقة بقضايا ذات صلة بعناصر هذه الأطروحة. أما الهدف وضع فهو ليس نقد للأدبيات الموجودة لغرض النقد، بل تقصي مقدار الإضاءة الممكنة من قبل التأملات الواردة في الاتجاهات الكتابية المختلفة حول هذا البحث الخاص بي. وفي الوقت نفسه، واستناداً إلى التماسات من واقعيين علميين ونقديين لتعددية منهجية من خلال معايير كلية(8)، أحاول في الفصل السابع أن أجيب عن السؤالين التاليين:
ـ هل يتعامل الخطاب السائد حول العلاقات الدولية بالشكل المناسب مع الكرد بوصفهم لاعباً «لا يشكّل دولة»؟
ـ هل تشكّل القضية الكردية وارتباطها بالسياسة الخارجية الأميركية تحدياً نظرياً لتحليل العلاقات الدولية أو السياسة الخارجية تحديداً؟
ويجب أن تبيّن الإجابات المتحصلة من دراسة الحالة هذه، إذاً، ضرورة وضع مقاربة جديدة من عدمها.