قراءة كتاب الأوديسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأوديسة

الأوديسة

كتاب " الأوديسة " ، تأليف هوميروس ترجمه إلى العربية دريني خشبة ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 5

وأثرت مقالة الابن في نفس أمه، فانثنت مع قيانها إلى مخدعها بالطابق العلوي، حتى إذا خلت إلى نفسها ذرفت من الدمع على أوديسيوس ما شاء لها حزنها أن تذرف، أما تليماك فقد انطلق وسط القوم ونادى بأعلى صوته: «أيها الفساق! يا خطاب أمي! خذوا في لهوكم، وتمتعوا قليلا أو كثيرًا، فإذا كان الغد فاجتمعوا في الساحة الكبرى، فإن لي كلامًا معكم... سأطلب إليكم أن تشدوا رحالكم من هنا! أتسمعون! لقد طالما أتلفتم لنا زادًا وعتادًا... ألا فلتلتمسوا الزاد والعتاد من عند أنفسكم؛ ولتقيموا أفراحكم وولائمكم في غير هذا المكان؛ فإن أبيتم فإني مستعين بالآلهة عليكم، ولتقتص منكم السماء بما جرحتم(12)...».

وما كاد يفرغ من كلمته حتى عضوا على أصابعهم لمفاجأتهم بهذا الكلام الخشن الذي لم يعتادوه. ونهض أنتينوس من مجلسه وقال: «تليماخوس! لقد حق لك أن تخاطبنا بهذه الشجاعة، ولكن... يا لشؤم اليوم الذي تتوجك السماء فيه ملكا على إيثاكا... عرش آبائك وأجدادك!».

ويجيب تليماك: «ليس أحب إليَّ من الملك حين تخلعه عليَّ السماء... غير أن أمره إليكم اليوم إن كان قد قضي أوديسيوس... أما أنا.. فلا أريد إلا أن أكون سيد هذا القصر... ولا غرو... فإن هذا من حقي!».

وأجابه يوريماخوس: «إن من حقك أن تقول ما تشاء يا أخانا تليماخوس... أما مُلك إيثاكا فالسماء وحدها تؤتيه من تشاء. ولكن قل لنا بربك من هذا الضيف الذي كان معك الساعة، هل من قِبَلِ أبيك أقبل؟ أم إن له عليكم لدينًا؟ إن أحدًا منا لم يلقه ولم يره، ولكنا لمحناه من بعد، عليه سيماء النجابة والجلال. من أين أقبل يا تليماخوس وفيم قدم؟».

وأصلح تليماك من شأنه وقال: «أيها السيد يوريماخوس! إن يقيني أن أبي قد انتهى.. ولن تغريني هذه الكلمات المعسولة التي يتشدق بها المنجمون... أما هذا الضيف... فـ ...... هو من أصدقاء أبي طبعًا، وقد أقبل لمجرد الضيافة، وهو الأمير منتس أمير أهل البحار وسيد تافوس، وابن سيد هذا الزمان. الملك الشجاع أنخيالوس».

قالها تليماخوس وهو أعرف الناس بضيفه؛ ثم انثنى كل إلى مخيمه، وانثنى تليماك إلى مخدعه بالطابق العلوي، حيث كانت مربيته يوريكليا تنتظره، وتوقد له الشموع والسرج، يا لها من أنثى طيبة تخلص لمولاها وتحنو عليه... لسرعان ما خلع ملابسه فعطرتها وحفظتها!... ولسرعان ما هيأت له فراشه الوثير...

وقضى تليماك ليلة طويلة ساهرة ممتلئة بالهواجس والأفكار.

تليماك يجادل الخطاب

موَّهت أورورا(13) ابنة الفجر الوردية مشرق الأفق، فهب ابن أوديسيوس من مرقده، وأصلح من شأنه، وتقلد سيفه، ثم انفتل مختالًا، كأحد آلهة الأولمب من باب مخدعه، وجعل يقلب عينيه في هذه الخيام المضروبة التي تملأ حديقة القصر، والتي يثوى فيها أولئك الفجار الأشرار خطاب بنلوب؛ وتلبث قليلا وفي القلب لظى، وفي النفس كلوم؛ ثم صاح بالملأ فهبوا مسرعين، وأخذوا ينسلون إلى الردهة الكبرى، حتى إذا انتظم عقدهم والتأم شملهم تقدم هو متهدجًا نحو عرش أبيه، وفي يمينه رمح ظامئ إلى تلك الدماء النجسة التي تتدفق في أبراد تلك الذئاب، وعن جانبيه كلباه الضاريان، وفي عيني كل منهما جمرتان. وكانت مينرفا نفسها تضفي على الشاب سيماء النبل، وترقرق فوق ناصيته أمواهًا من العظمة والمجد، لتقذف منه الرعب في قلوب أعدائه، حتى لبهرهم أن يروا في تليماك ذاك الضرغامة المختال.

وما كاد الفتى يستوي على عرش آبائه الصّيِدِ، وأجداده الصناديد. حتى نهض شيخ يحمل فوق كاهله السنين الثقال، وتشتعل في رأسه شيبة التجاريب وجلائل الفعال. وكان هو إيجبتوس بعينه.. إيجبتوس المسكين الذي بعث بولده أنتيفوس في أسطول عظيم وجند لَجِبْ. ليشارك في حرب إليوم مع أوديسيوس، فنازل وناضل، وكر وفر، وجال وصال، وصمد وانتصر... ولكنه... وا أسفاه!.. لم يعد إلى أوطانه في العائدين، بل صحب أوديسيوس في رحلته المشئومة وراء البحار، حيث أكله السيكلوب الوحش فيمن أكل. وقف إيجبتوس بين أبناء له ثلاثة، أحدهم من خطاب بنلوب، ثم قال:

الصفحات