كتاب " حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي " ، تأليف د. أنور زناتي ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي
وأوضح أيضاً كيف ارتبط التفسير في أغلب الأحوال بالموضوعية ؛ فالمؤرخ الموضوعي هو ذلك المؤرخ الذي يذكر الحقائق وحدها بعيدا عن الأهواء والمصالح الشخصية قدر المستطاع ، متجنباً الأكاذيب والشائعات ، وهي صفة المؤرخ الذي تتسم أعماله بالدقة والأمانة البحثية ، ولا يلجأ إلى تغليب نظرته أو رؤاه الشخصية على تلك الأحداث . ولذا استعرض الباحث أيضاً وبتفصيل مدى موضوعية ابن حَيَّان في كتاباته التاريخية .
وأخيراً ضمنت خاتمة الدراسة النتائج التي توصل إليها الباحث ، واختتم البحث بأهم المصادر والمراجع العربية والأجنبية التي أعانت الباحث في انجاز هذا الكتاب .
هذا ولم تكن الدراسة لتستقيم إلا بعد اعتماد الباحث على العديد من المصادر والمراجع العربية والمعربة والأجنبية ؛ فبالنسبة للمصادر فقد تنوعت ما بين الكتب التاريخية ، وكتب التراجم ، والطبقات ، والأنساب ، وكتب الأدب ، الجغرافيا ، بل والفقه والنوازل .
وقد اعتمدت – بالدرجة الأولى – في هذه الدراسة على تراث ابن حَيَّان المطبوع والمخطوط ، والمتناثر بين ثنايا الكتب خاصة كتابي " المقتبس " و" المتين " ، وصاحبتني أعماله من أول الدراسة حتى آخرها ، وأفادتني إفادة جمة في كافة فصول الدراسة خاصة عند الحديث عن العوامل المؤثرة في فكره التاريخي ومنهج الكتابة لديه ؛ ناهيك عن التصنيف والمحتوى لمؤلفاته ، حيث استوعب كتاب المقتبس ثم المتين مختلف الموضوعات ، وفيهما أرخ لتاريخ وحضارة الأندلس والمغرب واعتمد على العديد من المصادر وأغلبها مفقود حتى الآن ؛ مما يزيد من قيمة أعماله .
وقد أفادت نصوص كتاب المتين المتناثرة في ثنايا المؤلفات الباحث أيما إفادة عند الحديث عن موضوعية ابن حَيَّان ، وأمدته بمادة غزيرة أعانته على إثبات مدى دقة ابن حَيَّان باعتباره شاهد عيان على الأحداث حيث عرض فيه ما شاهده بعيني رأسه ، وما قد عايشه بنفسه . فكان أن سمى تأريخه بـ " المتين " ربما إشارة دلالية باستيثاقة مما دون من مشاهداته ؛ فنجده يعتمد في تأريخه إلى مشاهداته المباشرة كما أبرز الكتاب روح النقد لديه حيث كان شاهد عيان على الوضع السياسي المتردي لملوك الطوائف وسجل فيه انتقادات لاذعة أشار إليها الباحث عند الحديث عن الموضوعية في كتاباته .
وقد استفاد الباحث إفادة جمة من سائر الكتب التي تناولت تراث ابن حَيَّان ونقلت عنه ، ومن أهمها : كتاب " الذخيرة " لابن بَسَّام الشَنْتَريني( ت 542 هـ / 1148 م ) ، والذي يعتبر خير من احتفظ لنا بأطول نصوص ابن حَيَّان في المتين مع الحرص الدقيق على بداية نقله عن هذا المؤرخ ونهايته ، وقد أَرّخ فيه لملوك الطوائف في الأندلس ، وألقى الضوء على منهجية وأسلوب ابن حَيَّان في كتابة التاريخ ، ولولا كتاب الذخيرة لفقدنا تلك النصوص على الإجمال .
ومن الكتب التاريخية التي اعتمد عليها البحث بشكل كبير كتاب البيان المُغْرِب لابن عذاري ( ت 712هـ / 1312 م ) ، وكان منها نصوص من كتب مفقودة حتى الآن أشار ابن عذاري في مقدمة كتابه في الجزء الأول إلى اعتماده على ابن حَيَّان ، وحدد ذلك بالقول إنه نقل من " أخبار الدولة العامرية " لابن حَيَّان ، وهو كتاب مفقود حتى الآن ، وتتميز نقولات ابن عذاري من كتاب أخبار الدولة العامرية بأنها تعتمد الرواة الذين أخذ منهم ابن حَيَّان ، ولاسيما في عصر عبد الملك المُظَفَّر، وأخيه عبد الرحمن شنجول مما ألقى الضوء على رؤية ووجهات نظر ابن حَيَّان في تلك الفترة الحاسمة في تاريخ الأندلس .
وهناك كتاب ابن الخطيب ( ت 776 هـ / 1374 م ) "الإحاطة في أخبار غَرْناطة" ؛ حيث نقل معلومات قيمة عن تاريخ ابن حَيَّان مفقودة حتى الآن منها ترجمة للمنصور بن أبى عامر ، نص فيها على أنه ينقلها عن " المؤرخ في الدولة العامرية " .
أما كتاب نفح الطيب للمقري ( ت 1041هـ / 1631 م ) فقد ألقى الضوء على اهتمامات ابن حَيَّان الجغرافية والأثارية ، وذلك لما أورده من كتاباته عن قُرْطُبَة وشهرتها وجامعها الكبير ، والقنطرة المعروفة بالجسر الخ ، كما أفاد الكتاب الباحث في توضيح منهج ابن حَيَّان في التمحيص عندما نقل عنه تفنيد خرافة المائدة المنسوبة لسليمان عليه السلام ، كما كان المقري من القلائل الذين أشاروا إلى وظيفة ابن حَيَّان وتقلده منصب صاحب الشرطة ناهيك عن شهادته التي دعمت فكرة موضوعية ابن حَيَّان عندما شهد له بالثقة والموضوعية ووصفه بقوله " مؤرخ الأندلس الثبت الثقة ، أبو مروان ابن حَيَّان " .
ومن المصادر المهمة كتاب ابن الأَبَّار ( ت 658 هـ / 1259 م ) " الحُلة السِّيَراء " حيث أورد عن ابن حَيَّان نصوصا مفقودة من " الدولة العامرية " أيضاً أهمها ذكر غزوة المنصور ابن أبي عامر إلى برشلونة ، كما قدم فيه ترجمات لبعض مؤرخي العصر وشيوخ ابن حَيَّان أيضاً مما أفاد البحث كثيراً .
أما المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي ( ت 647 هـ / 1249 ) فقد أفاد منه الباحث فيما يتعلق بسيرة الحاجب المنصور وشخصيته العلمية ، وألقت الضوء على تكوين ابن حَيَّان الفكري نظراً لقرب والده من بلاط المنصور وأطلق على كتاب ابن حَيَّان اسم " المآثر العامرية " .
وهناك المُغرب في حُلَى المَغرب لابن سعيد ( ت 685 هـ / 1286 م ) فقد أفاد منه الباحث فيما يختص ببعض التراجم ، وكذلك علاقة والده الوثيقة بالمنصور العامري ، كما أفاد البحث عندما تعرض لترجمة المُسْتَكْفي محمد بن عبد الرحمن الناصر ، وأظهر منهج ابن حَيَّان النقدي ومدى موضوعيته التاريخية بالإضافة إلى ما أشار إليه ابن سعيد من أن المتين يذكر فيه ابن حَيَّان أخبار عصره ويمعن فيها مما شاهده ، وهو ما أفاد الباحث عند الحديث عن المشاهدة والعيان في كتابة تاريخه الكبير .

