أنت هنا

قراءة كتاب خنزير الحداثة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خنزير الحداثة

خنزير الحداثة

كتاب " خنزير الحداثة " ، تأليف محمد زينو شومان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

الحداثة العربية والسقوط في بئر التراث

نحن أمام واقع عربي شديد الالتباس والتعقيد. مظاهر حداثية ولا حداثة، محاولات لتجديد التراث وغربلته وترميمه، مصيرها الإخفاق أو الوقوع في أسر التلفيق فالعودة الدائرية إلى نقطة الانطلاق.

بهذه الحركة المقفلة تدور أزمة التراث العربي على محورها.

والتساؤل المعهود: كيف الخروج من شبكة العنكبوت؟ ما الذي يحمل المثقف العربي على تقبل قدره الأوديبي، ولا يجرؤ على كسر جرّة المحرمات فيشق للمجتمعات العربية ثغرة في حائط التاريخ، تسمح له بالرؤية وتدارك السقوط في بئر الموروث التي تنتظره فاغرة الشدقين؟

والتساؤل الآخر: لماذا تنتهي حملة التحديث، دائماً، بالفشل واللجوء إلى أساليب التسوية، وتوقيع معاهدات الهدنة من قبل طرف واحد ـ الطرف التنويري؟

الواقع أن المعسكر المحافظ مستمر في التحصن وراء جدار الموروث والمعتقد، حارساً دونكيشوتياً للقيم والفضائل والسّنن، محتكراً سائر حقوق التنقيب في منجم الفقه واللاهوت والتراث، منقضّاً على خصومه بما لديه من عدة التكفير والتحريم، وفي جيبه علوم الأوّلين والآخرين ومفاتيح الفردوس وجهنّم والأحكام الجاهزة التي بموجبها تحدد المصائر الفردية والجماعية، وتعرف أحوال الغيب والشهادة منذ تشكُّل النطفة حتى آخر الدهر، مروراً بأخبار القبر والوحشة التي ترافق الميت في كفنه.

مفاهيم متوارثة لا تحتاج إلى الاختيار والتمحيص، بل يمكن تناولها كالدواء، واكتسابها عبر حلقات التدريس، وفي الحوزات والمساجد، أو بالاستماع إلى المواعظ والخطب الدينية التي هي زاد الدنيا والآخرة.

جميع هذه المفاهيم ما زال لها مقام الصدارة والأولوية في حياة العربي، فتكبّل عقله، وتصادر كل وظائف جسده، وتلقي به بين يدي مؤسسة الفقهاء التي تسيطر على شؤون الروح والبدن. فما هي العقبات الأساسية التي أحبطت كل جهود التحديث في مجتمعاتنا العربية على مدى عهود متعاقبة؟

ومن يضع «خريطة الطريق» للخروج من المأزق الحضاري؟

ولماذا لم يزل حبل التحديث يلتف حول عنق المثقف العربي كحبل المشنقة؟ لماذا تتغلب سلطة النص على سلطة النقد؟ فيصبح اللجوء إلى التقية والمحاباة هو أقصر الطرق إلى النجاة، والهرب من مصائد العسس والأوصياء، والتحايل على المعنى؟

بطريقة حاسمة وأكثر دقة وتفصيلاً، هل التراث هو العقبة؟

أستطيع القول وجهاً لوجه: لقد كان ولا يزال «عُقدة النجّار» بالنسبة إلى الباحث العربي، حيث إن التراث، بقضّه وقضيضه، في نظر أهل التقديس والاتّباع والمحافظة، هو كلّ لا يتجزأ والتمسّك به تمسّك بدين السلف الصالح الذي هو المعبر الأوحد إلى الحقيقة والمعرفة.

وعليه، فإن أية قراءة مناقضة لقراءة السابقين هي ضلالة تفتح الأبواب على الفتنة، والخروج على الإجماع.

كما أنها قراءة مشكوك فيها يراد منها النيل من الدين وعتاده ومقوماته، الأمر الذي يستدعي تدخل الحرس القديم واستنفاره، بخلاياه المستيقظة والنائمة، لوقف الاعتداء على العقائد المتبعة، ولمنع المجددين من استكمال نهجهم الإصلاحي ـ النهضوي ـ التنويري. وقد تصل التهم إلى حد جعلهم من «الفئة الضالة» ومن أصحاب «البدع» والمفسدين في الأرض.

الصفحات